تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكما أن الإيمان له في باب الأخبار ستة أركان، كذلك له في باب الأوامر عدة أركان، تصديق بالجنان وقول باللسان وعمل بالجوارح والأركان، وهي تتعلق بتفيذ الأمر وتحقيق المطلوب والسعي في رضا المحبوب، فإذا تم هذا الإيمان بنوعيه، ظهر كمال الدين وصدق واليقين كما قال عبد الله بن مسعود اليقين الإيمان كله.

ومن أجل ذلك أيضا كلف الله الإنسان بالتصديق الجازم لأركان الإيمان، وكل خبر ورد ذكره في القرآن، فقال تعالى في توضيح هذه المعان: (الم، ذَلكَ الكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًي للمُتَّقِينَ، الذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ، وَالذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِل إِليْكَ وَمَا أُنْزِل مِنْ قَبْلكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ، أُوْلئِكَ على هُدًي مِنْ رَبِّهِمْ وَأُوْلئِكَ هُمْ المُفْلحُونَ).

والسؤال الذي يتردد على الأذهان ويطرح نفسه الآن، كيف يكون اليقين المنافي للشك شرطا من شروط لا إله إلا الله؟ اعلم عبد الله أن اليقين المنافي للشك يكون شرطا من شروط لا إله إلا الله، بأن يكون قائلها مستيقنا بمدلولها يقينا جازما، ينفي الوهم والشك والظن، قال تعالى: (إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ الذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولهِ ثُمَّ لمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيل اللهِ أُوْلئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ)، فاشترط القرآن في صدق إيمانهم بربهم ونبيهم ألا يرتابوا أي لا يشكوا، فالمرتابون هم المنافقون، الذين قال الله تعالى فيهم: (إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ).

وعند البخاري من حديث أَسْمَاءَ بنت أبي بكر، أن النبي صَلي الله عَليْهِ وَسَلمَ قَال: َأُوحِيَ إِليَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي قُبُورِكُمْ مِثْل فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّال، يُقَالُ للميت مَا عِلمُكَ بِهَذَا الرَّجُل فَأَمَّا المُؤْمِنُ أَوِ المُوقِنُ فَيَقُولُ هُوَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله جَاءَنَا بِالبَيِّنَاتِ وَالهُدَي فَأَجَبْنَا وَاتَّبَعْنَا هُوَ مُحَمَّدٌ ثَلاثًا فَيُقَالُ نَمْ صَالحًا قَدْ عَلمْنَا إِنْ كُنْتَ لمُوقِنًا بِهِ وَأَمَّا المُنَافِقُ أَوِ المُرْتَابُ فَيَقُولُ لا أَدْرِي سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلتُهُ.

روي الإمام مسلم بسنده من حديث أبي هُرَيْرَةَ قَال: كُنَّا قُعُودًا حَوْل رَسُول الله صَلي الله عَليْهِ وَسَلمَ مَعَنَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فِي نَفَرٍ من الصحابة، فَقَامَ رَسُولُ الله صَلي الله عَليْهِ وَسَلمَ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِنَا، فَأَبْطَأَ عَليْنَا وَخَشِينَا أَنْ يُقْتَطَعَ دُونَنَا وَفَزِعْنَا فَقُمْنَا، فَكُنْتُ أَوَّل مَنْ فَزِعَ، فَخَرَجْتُ أَبْتَغِي رَسُول الله صَلي الله عَليْهِ وَسَلمَ، حتى أَتَيْتُ حَائِطًا للأَنْصَارِ لبَنِي النَّجَّارِ – والحائط هو السور المقام حول المزرعة – يقول أبو هريرة: فَدُرْتُ بِهِ هَل أَجِدُ لهُ بَابًا فَلمْ أَجِدْ، فَإِذَا رَبِيعٌ يَدْخُلُ فِي جَوْفِ الحَائِطٍ مِنْ بِئْرٍ خَارِجَةٍ، وَالرَّبِيعُ الجَدْوَلُ قناة الماء الصغيرة، يقول أبو هريرة: فَاحْتَفَزْتُ كَمَا يَحْتَفِزُ الثَّعْلبُ، فَدَخَلتُ على رَسُول الله صَلي الله عَليْهِ وَسَلمَ فَقَال: أَبُو هُرَيْرَةَ فَقُلتُ نَعَمْ يَا رَسُول الله قَال مَا شَأْنُكَ قُلتُ كُنْتَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا فَقُمْتَ فَأَبْطَأْتَ عَليْنَا فَخَشِينَا أَنْ تُقْتَطَعَ دُونَنَا فَفَزِعْنَا فَكُنْتُ أَوَّل مِنْ فَزِعَ فَأَتَيْتُ هَذَا الحَائِطَ فَاحْتَفَزْتُ كَمَا يَحْتَفِزُ الثَّعْلبُ وَهَؤُلاءِ النَّاسُ وَرَائِي فَقَال:يَا أَبَا هُرَيْرَةَ وَأَعْطَانِي نَعْليْهِ، قَال: اذْهَبْ بِنَعلى هَاتَيْنِ فَمَنْ لقِيتَ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الحَائِطِ يَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلا الله مُسْتَيْقِنًا بِهَا قَلبُهُ فَبَشِّرْهُ بِالجَنَّةِ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير