وهذا كله يؤيد أن الفضل والأجر على قدر النية فلا مدخل للقياس والنظر وما كل مصل يتقبل منه فكيف يضاعف له والله يؤتي فضله من يشاء
وفي هذا الحديث دليل على أن من لم يدرك من الصلاة ركعة فلم يدركها ولا له مدخل في حكمها من حصول سهو لم يدركه مع إمامة وانتقال فرضه من ركعتين إلى أربع ونحو هذا
إلا أن الفقهاء اختلفوا في معنى هذا الدليل ها هنا فمن ذلك قولهم من أدرك ركعة من الجمعة أضاف إليها أخرى ومن لم يدرك ركعة منها صلى ظهرا
هذا قول مالك والشافعي وأصحابهما والثوري والحسن بن حي والأوزاعي وزفر بن الهذيل ومحمد بن الحسن في الأشهر عنه والليث بن سعد وعبد العزيز بن سلمة وبن حنبل
وورد ذلك عن علي بن أبي طالب وبن مسعود وبن عمر وعلقمة والأسود والحسن وسعيد بن المسيب وغيره وإبراهيم وبن شهاب وبه قال إسحاق وأبو ثور
وقال بن شهاب هي السنة
وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ((إذا أحرم في الجمعة قبل سلام الإمام صلى ركعتين)) روي ذلك عن إبراهيم النخعي والحكم بن عيينة وحماد بن أبي سليمان وهو قول داود
وحجتهم قوله عليه السلام ((ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا)) (1) قالوا والذي فاته ركعتان لا أربع
ومن ذلك أيضا اختلافهم فيمن فاتته الخطبة يوم الجمعة فإن عطاء بن أبي
الاستذكار ج:1 ص:60
رباح وطاوسا ومجاهدا ومكحولا قالوا من فاتته الخطبة يوم الجمعة صلى أربعا قالوا لم تقصر الصلاة في يوم الجمعة إلا من أجل الخطبة فمن لم يدركها صلى ظهرا
وهذا قول يبطل بقوله - عليه السلام - ((من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة))
حدثني محمد بن عبد الله بن حكيم قال حدثنا محمد بن معاوية القرشي قال حدثنا إسحاق بن أبي حسان الأنماطي قال حدثنا هشام بن عمار قال حدثنا عبد الحميد قال حدثنا الأوزاعي قال سألت الزهري عن رجل فاتته خطبة الإمام يوم الجمعة وأدرك الصلاة فقال حدثني أبو سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله ((من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدركها))
وأما مسألة المسافر يدرك ركعة من صلاة المقيم فأيسر الناس في ذلك مالك
قال إذا لم يدرك المسافر من صلاة الإمام ركعة صلى ركعتين وإن أدرك منها ركعة تامة بسجدتيها صلى أربعا
وهو قول الحسن البصري وإبراهيم النخعي وبن شهاب الزهري وقتادة
وقال الشافعي وأبو حنيفة وأصحابهما والثوري والأوزاعي وأحمد بن حنبل وأبو ثور إذا دخل المسافر في صلاة المقيم صلى أربعا صلاة مقيم وإن أدركها في التشهد
وروي ذلك عن بن عباس وبن عمر وجماعة من التابعين
وقال الشافعي إذا أحرم قبل أن يسلم الإمام لزمته صلاة المقيم
وفي هذه المسألة قولان شاذان أحدهما لطاوس والشعبي والثاني لإسحاق بن راهويه قد ذكرتهما في ((التمهيد))
وأما سجود السهو فقال مالك إذا أدرك مع الإمام ركعة لزمه أن يسجد معه لسهوه وسواء أدرك السهو أو لم يدرك وإن لم يدرك معه ركعة لم يلزمه السجود منه
ومذهبه في ذلك أن سجدتي السهو إن كانتا قبل السلام سجدهما معه وإن كانتا بعد السلام لم يسجدهما معه وسجدهما إذا أتم صلاته
وهو قول الأوزاعي والليث بن سعد
وقال الشافعي والكوفيون وسائر الفقهاء من دخل مع الإمام في بعض صلاته لزمه سهوه وسجد معه
الاستذكار ج:1 ص:61
وعن الشافعي أيضا أنه يسجدهما بعد القضاء أيضا
وهذا كله في حديث من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدركها ومن لم يدرك منها ركعة فلم يدركها واستعمال الناس بهذا الحديث واستعمال نصه دليل خطأ به مالك وأصحابه
14 - مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر بن الخطاب كان يقول إذا فاتتك الركعة فقد فاتتك السجدة
15 - مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عمر وزيد بن ثابت كانا يقولان من أدرك الركعة فقد أدرك السجدة
هكذا رواه يحيى بن يحيى
وأما القعنبي وبن بكير وأكثر رواه الموطأ فرووه عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عمر وزيد بن ثابت كانا يقولان ((من أدرك الركعة قبل أن يرفع الإمام رأسه فقد أدرك السجدة))
16 - مالك أنه بلغه أن أبا هريرة كان يقول من أدرك الركعة فقد أدرك السجدة ومن فاته قراءة أم القرآن فقد فاته خير كثير
معنى إدراك الركعة ها هنا أن يركع المأموم قبل أن يرفع الإمام رأسه من الركوع
هذا قول مالك وأكثر العلماء وفيه اختلاف
روي عن أبي هريرة ((من أدرك القوم ركوعا يعتد بها))
¥