وهذا قول لا نعلم أن أحدا قال به من فقهاء الأمصار وفيه وفي إسناده نظر
وقد روي معناه عن أشهب وروي عن جماعة من التابعين ضد ذلك
قالوا إذا أحرم الداخل والناس ركوع أجزأه وإن لم يدرك الركوع
وبهذا قال بن أبي ليلى والليث بن سعد وزفر بن الهذيل قالوا إذا كبر قبل أن يرفع الإمام رأسه ركع كيف أمكنه واتبع الإمام وكان بمنزلة التابع واعتد بالركعة
وقد روي عن بن أبي ليلى والليث بن سعد وزفر بن الهذيل والحسن بن
الاستذكار ج:1 ص:62
زياد أنه إذا كبر بعد رفع الإمام رأسه من الركعة قبل أن يركع اعتد بها
وقال الشعبي إذا انتهيت إلى الصف المؤخر ولم يرفعوا رؤوسهم وقد رفع الإمام رأسه فقد أدركت لأن بعضهم أئمة بعض
قال جمهور الفقهاء من أدرك الإمام راكعا فكبر وركع وأمكن يديه من ركبتيه قبل أن يرفع الإمام رأسه من الركعة فقد أدرك الركعة ومن لم يدرك ذلك فقد فاتته الركعة ومن فاتته الركعة فقد فاتته السجدة أي لا يعتد بها ويسجدهما
هذا مذهب مالك والشافعي وأبي حنيفة وأصحابهم والثوري والأوزاعي وأبي ثور وأحمد وإسحاق
وروى ذلك عن علي بن أبي طالب وبن مسعود وزيد بن ثابت وبن عمر
وقد ذكرنا الآثار بذلك في ((التمهيد))
وبه قال عطاء وإبراهيم وعروة بن الزبير وميمون بن مهران
وذكر بن أبي شيبة عن عبد الأعلى عن معمر عن الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن بن عمر وزيد بن ثابت قالا إذا أدرك القوم ركوعا فإنه تجزئه تكبيرة واحدة
وهو قول إبراهيم وعروة وعطاء والحسن وقتادة والحكم وميمون وجماعة إلا أنهم يستحبون أن يكبر تكبيرتين واحدة للإحرام وثانية للركوع
وإن كبر واحده لافتتاح الصلاة أجزأه من الركعة وعلى هذا مذهب الفقهاء بالحجاز والعراق والشام
وقال بن سيرين وحماد بن أبي سليمان لا يجزئه حتى يكبر تكبيرتين واحدة يفتتح بها وثانية يركع بها
والقول الأول أصح من جهة الأثر والنظر لأن التكبير لما عدا الإحرام مسنون يستحب قد أجمعوا أنه لا يضر سقوط التكبيرة منه والتكبيرتين
وسنبين هذا الباب ونوضحه في افتتاح الصلاة إن شاء الله
وأما قول أبي هريرة ((من فاتته قراءة أم القرآن فقد فاته خير كثير)) فإن بن وضاح وجماعة معه قالوا ذلك لموضع التأمين والله أعلم
يعنون قوله عليه السلام ((من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه
وسيأتي هذا فيما بعد إن شاء الله عز وجل
الاستذكار ج:1 ص:63
1 (4 - باب ما جاء في دلوك الشمس وغسق الليل)
17 - مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول دلوك الشمس ميلها (1)
18 - مالك عن داود بن الحصين قال أخبرني مخبر أن عبد الله بن عباس كان يقول دلوك الشمس إذا فاء الفيء (2) وغسق الليل اجتماع الليل وظلمته
قال أبو عمر المخبر ها هنا عكرمة وكذلك رواه الدراوردي عن عكرمة عن بن عباس وكان مالك يكتم اسمه لكلام سعيد بن المسيب فيه وقد صرح به في كتاب الحج
وقد ذكرنا في ((التمهيد)) السبب الموجب لكلام بن المسيب في عكرمة ومن قال بتفضيل عكرمة والثناء عليه
ومات عكرمة عند داود بن الحصين بالمدينة
ولم يختلف عن بن عمر في أن دلوك الشمس ميلها روي ذلك عنه من وجوه ثابتة إلا أن الألفاظ مختلفة والمعنى واحد
منهم من يروي عنه دلوكها زوالها
ومنهم من يقول عنه دلوكها ميلها بعد نصف النهار وكل سواء وهو قول الحسن ومجاهد
ورواه مجاهد أيضا عن قيس بن السائب وهو قول أبي جعفر محمد بن علي والضحاك بن مزاحم وعمر بن عبد العزيز
وكذلك روي عن الشعبي ومجاهد عن بن عباس دلوكها زوالها
وأما عبد الله بن مسعود فلم يختلف عنه أن دلوكها غروبها
وهو قول علي بن أبي طالب وأبي وائل وطائفة والوجهان في اللغة معروفان
وقال بعض أهل اللغة دلوكها من زوالها إلى غروبها
وأما غسق الليل فالأكثر على أنه أراد به صلاة العشاء
الاستذكار ج:1 ص:64
وروي عن مجاهد غسق الليل غروب الشمس
وقال غيره غسق الليل المغرب والعشاء
1 (5 - باب جامع الوقوت)
19 - مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله قال ((الذي تفوته صلاة العصر كأنما وتر أهله وماله))
ومعناه عند أهل اللغة الذي يصاب بأهله وماله إصابة يطلب فيها وترا فيجتمع عليه غمان غم ذهاب أهله وماله وغم بما يقاسي من طلب الوتر
¥