ولكن الشافعي احتج مع حديث بن أبي يحيى بحديث مالك عن بن شهاب عن ثعلبة بن أبي مالك القرظي المذكور وقال النهي عن الصلاة عند استواء الشمس صحيح إلا أنه خص منه يوم الجمعة بما روي من العمل المستفيض في المدينة في زمان عمر وغيره من الصلاة يوم الجمعة حتى يخرج عمر وبما رواه بن أبي يحيى وغيره مما يعضده العمل المذكور قال والعمل في مثل ذلك لا يكون إلا توقيفا وإن كان حديث بن أبي يحيى ضعيفا فإنه تقويه صحة العمل به
قال أبو عمر قد روى إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن السائب بن يزيد قال كان عمر إذا خرج - يعني يوم الجمعة - ترك الناس الصلاة وجلسوا
ومعلوم أن خروج عمر إنما كان بعد الزوال لأنه بخروج الإمام يندفع الأذان
وكذلك في حديث بن شهاب عن ثعلبة بن أبي مالك القرظي ((وأذن المؤذنون))
وقد روى مجاهد عن أبي الخليل عن أبي قتادة قال ((قال رسول الله الصلاة تكره نصف النهار إلا يوم الجمعة فإن جهنم تسجر إلا يوم الجمعة)) (1)
ومنهم من أوقفه على أبي قتادة ومثله لا يكون رأيا
وقد ذكرنا هذين الحديثين بإسنادهما في ((التمهيد))
وروى سفيان بن عيينة عن بن طاوس عن أبيه قال يوم الجمعة صلاة كله
وكان عطاء بن أبي رباح يكره الصلاة نصف النهار في الصيف ولا يكره ذلك في الشتاء
وقال بن سيرين تكره الصلاة في ثلاث ساعات وتحرم في ساعتين تكره بعد العصر وبعد الصبح ونصف النهار في شدة الحر وتحرم حين تطلع الشمس حتى يستوي طلوعها وحين تصفر حتى يستوي غروبها
وذكره عبد الرزاق عن هشام بن حسان عن بن سيرين وعن بن جريج عن عطاء
وقال أبو حنيفة ومحمد بن الحسن والثوري والحسن بن حي وعبد الله بن المبارك وأحمد بن حنبل لا يجوز التطوع نصف النهار في شتاء ولا صيف لحديث الصنابحي وحديث عمرو بن عبسة ومن ذكرنا معهما في ذلك
الاستذكار ج:1 ص:108
ولا يجوز عند أبي حنيفة وأصحابه أن تصلي فريضة فائتة ولا نافلة ولا صلاة سنة ولا على جنازة لا عند طلوع الشمس ولا عند غروبها ولا عند استوائها إلا ما ذكرنا عنهم في عصر يومه من أجل حديث الصنابحي وما كان مثله
وقد مضى في هذا الباب وغيره من هذا الكتاب في ذلك ما يغني عن رده ها هنا
ولا خلاف عن مالك وأصحابه أن الصلاة على الجنائز ودفنها نصف النهار جائز
وذكر بن القاسم عن مالك قال لا بأس على الصلاة على الجنائز بعد العصر ما لم تصفر الشمس فإذا اصفرت لم يصل على الجنائز إلا أن يخاف عليها فيصلى عليها حينئذ
قال ولا بأس بالصلاة على الجنازة بعد الصبح ما لم يسفر فإذا أسفر فلا تصلوا عليها إلا أن تخافوا عليها
وذكر بن عبد الحكم عن مالك أن الصلاة على الجنائز جائزة في ساعات الليل والنهار وعند طلوع الشمس وغروبها واستوائها
وقال الثوري لا يصلى على الجنازة إلا في مواقيت الصلاة وتكره الصلاة عليها نصف النهار وبعد العصر حتى تغيب الشمس وبعد الصبح حتى تطلع الشمس
وقال الليث بن سعد لا يصلى على الجنازة في الساعات التي تكره فيها الصلاة
وقال الأوزاعي يصلى عليها ما دام في ميقات العصر فإذا ذهب عنهم ميقات العصر لم يصلوا عليها حتى تغرب الشمس
وقال الشافعي يصلى على الجنائز في كل وقت والنهي عن الصلاة في تلك الساعات إنما هو عن النوافل المبتدأة والتطوع وأما عن صلاة فريضة أو سنة فلا لحديث قيس في ركعتي الفجر وحديث أم سلمة في قضاء رسول الله الركعتين اللتين تصليان بعد الظهر - بعد العصر
27 - مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال كان رسول الله يقول ((إذا بدا حاجب الشمس (1) فأخروا الصلاة حتى تبرز وإذا غاب حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى تغيب
الاستذكار ج:1 ص:109
هذا الحديث مرسل في الموطأ عند جماعة رواته
وقد ذكرنا في ((التمهيد)) من رواه عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة في غير الموطأ فأخطأ فيه ولم يتابع عليه
والحديث صحيح لهشام بن عروة عن أبيه عن بن عمر لا عن عائشة
حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا محمد بن معاوية قال حدثنا أحمد بن شعيب قال حدثنا عمرو بن علي قال حدثنا يحيى بن سعيد قال حدثنا هشام بن عروة قال أخبرني أبي قال أخبرني بن عمر قال قال رسول الله ((إذا طلع حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى تشرق وإذا غاب حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى تغرب)) (1)
¥