دليل النبوة يحصل بالمعجزات، وقيل: باستواء ما يدعو إليه وصحته وسلامته من التناقض، وقيل لا يحصل فيهما، والأصح أن المعجزة دليل، وثم دليل غيرها. فإن للصدق علامات، وللكذب علامات.
فمن العلامات سوى المعجزة النظر إلى نوع ما يدعو إليه، بأن يكون من نوع شرع الرسول قبله، فإن الرسالة من لدن آدم إلى وقتنا هذا لم تزل آثارها باقية، وذكر منها علامات كثيرة يرحمه الله رحمة واسعة والمسلمين.
فائدة:
إذا وجب عليه الإيمان فآمن، ولم يدرك أن يأتي بشرائع الإيمان كان كامل الإيمان، بالنسبة إلى الواجب عليه. وإن كان ناقصاً بالنسبة لمن هو أعلى منه.
مثاله من آمن فمات قبل الزوال مثلاً مات مؤمناً كامل الإيمان الواجب عليه. لكنه من دخلت عليه الأوقات وصلى أكمل إيماناً منه.
فمن ذلك علم أن نقصان الإيمان على نوعين:
أحدهما: ما يلام عليه.
الثاني: ما لا لوم فيه. كهذا المثال. < o:p>
قلت: وأما من عجز عن إكمال عمل بعد أن أتى بما قدر عليه منه، فالظاهر أنه كمن فعله، لقوله صلى الله عليه وسلم: " من مرض أو سافركتب له ما كان يعمل صحيحاً مقيماً (1) وأما إن عجز عنه أصلاً فيحتمل أن يكون له أجر فاعله، لقصة الفقير الذي قال: لو أن عندي مال فلان لعملت فيه مثل عمله، وكان يصرفه في مرضاة الله. قال النبي صلى الله عليه وسلم: " فهما في الأجر سواء" ويحتمل عكسه، لأن فقراء الصحابة رضي الله عنهم لما قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: " ذهب أهل الدثور بالأجور" لم يقل لهم: إن نيتكم تبلغكم ذلك فتمنوا، وإنما أخبرهم بعمل بدله، ولكن يقال: إن الذي لا يقدر علي عمل معين، إما أن يكون لذلك العمل بدل يقدر عليه، فهذا لا يثاب على العمل إذا لم يأت ببدله، لأنه لو كان صحيح النية لعمل ذلك البدل، فعلى هذا يكون حصول الأجر مشروطاً بعدم وجود بدله المقدور عليه، على أنا نقول: إن من نفع الناس بماله فله أجران.
الأول: بحسب ما قام بقلبه من محبة الله ومحبة ما يقرب إليه، فهذا الأجر يشركه فيه الفقير إذا نوى نية صحيحة.
والأجر الثاني: دفع حاجة المدفوع له، فهذا لا يحصل للفقير والله أعلم.
وبذلك انتهى ما أردنا نقله من شرح الشيخ رحمه الله على عقيدة الأصفهاني.
فائدة:
من الجزء الأول من " بدائع الفوائد " لابن القيم ص 159 ما ملخصه:
ما يجري صفة أو خبراً عن الرب تعالى. أقسام:
الأول: ما يرجع إلى الذات نفسها كالشيء، والموجود.
الثاني: ما يرجع لصفات معنوية، كالسميع العليم.
الثالث: يرجع إلى أفعاله كالخالق.
الرابع: يرجع للتنزيه المحض المتضمن كالقدوس السلام.
الخامس: الاسم الدال على أوصاف عديدة كالمجيد العظيم الصمد.
السادس: ما يحصل باقتران الاسمين أو الوصفين كالغني الحميد، فإن الغنى صفة مدح، وكذلك الحمد فله ثناء من غناه، وثناء من حمده وثناء منهما.
ويجب أن يعلم هنا أمور: < o:p>
الأول: ما يدخل في باب الإخبار أوسع مما في أسمائه، وصفاته، فيخبر عنه بالموجود والشيء، ولا يسمى به (قلت: وقد تقدم في كلام الشيخ تقي الدين معنى ذلك).
الثاني: الصفة إذا انقسمت إلى كمال ونقص فلا تدخل بمطلقها في أسمائه، كالصانع والمريد ونحوهما، فلذا لم يطلق على نفسه من هذا إلا أكمله فعلاً وخبراً، كقوله {: فعال لما يريد} (1).
الثالث: لا يلزم من الإخبار عنه بفعل مقيد أن يشتق له منه اسم، ولذا غلط من سماه بالماكر والفاتن والمستهزئ ونحو ذلك.
الرابع: أن ما يطلق عليه في باب الأسماء والصفات توقيفي، دون ما يطلق من الأخبار.
الخامس: الاسم إذا أطلق عليه جاز أن يشتق منه المصدر والفعل إن كان متعدياً كالسميع والعليم. وإلا فلا كالحي.
السادس: أسماؤه كلها حسنى، وأفعاله صادرة عنها، فالشر ليس إليه فعلاً ولا وصفاً، وإنما يدخل في مفعولاته البائنة عنه دون فعله الذي هو وصفه.
إحصاء أسماء الله تعالى مراتب:
الأولى: إحصاء ألفاظها وعددها.
الثانية: فهم معانيها ومدلولها.
الثالثة: دعاؤه بها وهو مرتبتان:
الأولى: دعاء ثناء وعبادة فلا يكون إلا بها.
الثانية: دعاء مسألة فلا يسأل إلا بها، ولا يجوز يا شيء يا موجود ونحوهما.
¥