تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

«حملت تلك الكتب من خزائنها السابق ذكرها إلى ذلك المكان الجديد فكان يأتي بها أولئك المغيرون محشوة في الزكائب و المقاطف ثم يفرغونها تلالا و أكواما عليها خيوط العناكب و بينها الأتربة و يتخللها الجلود البالية و ليس بينها من كتاب سليم مستقيم الوضع إلا ما لا يكاد يذكر و بجانبها أولئك الموظفون المكلفون بجمعها و ترتيبها و أعضاء المجلس و الأمين يراقبون عملهم و يرشدونهم إلى الطريق الأقوم فعملوا و كدوا و استخلصوا من بين هذه الدشوت و الأوراق المتفرقة كتبا معتبرة في كل الفنون. و كان معهم مندوب من ديوان الأوقاف و موظف آخر نيط به تقويم كل كتاب وجد أو جمع بالثمن اللائق به و قيدت في دفاتر بأعداد متسلسلة و استلمها الأمين بأثمانها المقدرة لها ثم اشتغلوا بعد ذلك في توحيد الفنون و قرروا لكل فن موضعا مخصوصا من المكان و قد استغرق عملهم هذا أزمانا طوالا كانت كلها أتعابا و مشاقا و إني لأعرف كتبا كثيرة مما تجده الآن كاملا كان الكتاب الواحد منها بعضه في خزانة فلان و بعضه الاخر في خزانة فلان و لم تجتمع أجزاؤه بعضها على بعض إلا بطريق المصادفة الحسنة و أعرف كذلك أن بعض الكتب النفيسة النادرة الوجود وجد في دشت كان في خزائن الجامع العيني و لم يعبأ به أحد ممن تولوا تقييدها للطلاب و لم يعن بفرز الدشت لتوجد تلك النفائس بين أوراقه إلا بعد أن كان قد صدر أمر أحد مشايخ الجامع بإحراقه و تدارك الأمر من يعرف قيمة العلم و لا يبالي بالتعب في المحافظة عليه و قد رأيت بعيني كثيرا من المصاحف الشريفة و هي بين الأتربة مع أنها من أجود المصاحف خطا و ورقا و فيها من الفوائد و علوم التجويد ما لا يوجد في سواها. و غير ذلك كثير نكتفي بما ذكرناه فما الفرض إلا بيان حالها قبل جمعها و في هذا القدر ما يكفي»

و لم يكتف الأستاذ الإمام في تكوين المكتبة بما جمع من مكتبات الأروقة بل دعا العظماء و العلماء إلى المشاركة في فضل تكوينها و استعان في ذلك بنفوذه عندهم و مكانته لديهم فاستجاب لدعوته بعض هؤلاء و وهبها الشيخ حسونة مكتبته الخاصة و وهبها ورثة سليمان أباظة باشا مكتبة والدهم العظيم و كان المرحوم سليمان أباظة من خاصة أصدقاء الشيخ و كان أبناؤه يعدون الشيخ كوالدهم في العطف و الرعاية و هذه المكتبة أنفس المكتبات الخاصة بالمكتبة الأزهرية و سنتحدث عن هاتين المكتبتين فيما بعد

هذا و لم نعثر على قرار مجلس إدارة الأزهر إنشاء المكتبة و لا بمحضر الجلسة التي نظر فيها موضوع إنشائها و هما وثيقتان مهمتان في موضوعنا و حبذا لو هدانا إليهما و أهداهما إلينا من يعثر عليهما

«أبو الوفا المراغي» إمضاء

3) 3 - مكان المكتبة الأزهرية

تشغل المكتبة الأزهرية الآن ثلاثة أمكنة اثنان منها داخل الأزهر ‹4› و هما المدرسة الأقبغاوية و المدرسة الطيبرسية و الثالث خارج الأزهر ملاصق له و هو الطابق الثاني من بناء أنشأته مشيخة الجامع الأزهر سنة 1936م كملحق للإدارة العامة المجاورة للأزهر و لقدم المكانين الأولين و قيمتهما نلم بتاريخهما – أما المدرسة الأقبغاوية فهي على يسار الداخل إلى الأزهر من بابه الغربي الكبير «باب المزينين» و قد أنشأها الأمير أقبغا على نظم المدارس الإسلامية لهذا العهد – و المدرسة الإسلامية لهذا العهد مسجد له خصائص المساجد من منارة و محراب و ميضأة و نحو ذلك إلا أنه تقام فيه الحلقات الدراسية فيقال له مدرسة. و أنشأ بها مدفنا به قبة تعتبر من نوادر الفن الإسلامي في العمارة إلا أنه لم يدفن به بل دفن بالإسكندرية و انتهت عمارة المدرسة سنة 740هـ و من الطرائف التاريخية عن هذه المدرسة ما يرويه المؤرخون من أنها مدرسة مظلمة ليس عليها من بهجة المساجد و لا أنس بيوت العبادات شيء البتة و يعللون ذلك بأن منشئها اغتصب مكانها من مالكيها و سخر العمال في عمارتها و حصل على مواد البناء و لوازم العمارة بطريق الغصب أو الخيانة و وقف على هذه المدرسة أوقافا و شرط في كتاب وقفه ألا يلي النظر أحد من ورثته

و أقبغا هو الأمير علاء الدين كان رقيقا للتاجر عبد الواحد بن بدال اشتراه من الناصر قلاون و رفعه حظه و ذكاؤه إلى مراتب الموظفين و تقلب في مناصب الدولة المختلفة إلى أن قتله الملك الصالح عماد الدين في الفتنة بينه و بين أخيه أحمد الناصر

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير