تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأيما أحسن: الاستشهاد على معاني القرآن بنفس ألفاظ رسول الله صلى الله عليه وسلم وألفاظ الصحابة والتابعين التي يستفاد بها معنى الآيات على الخصوص وهو المطلوب، ويعلم بها اللغة التي نزل بها القرآن، وبها خاطب النبي صلى الله عليه وسلم بالنقل الصحيح الثابت؟ أو الاستشهاد على ذلك ببيت من شعر، كقوله (1):

إن الكلام لفي الفؤاد وإنما ... جعل اللسان على الفؤاد دليلا

وكقوله (2):

ثم استوى بشر على العراق ... من غير سيف ودم مهراق

وقوله (3):

وجوه يوم بدر ناظرات ... إلى الرحمن تنتظر الفلاحا

وأمثال ذلك من الشعر الذي يقال فيه: إنه لم يرو بإسناد صحيح عن قائله، بل كثير من أهل الصنعة يكذبه، ولو روي بإسناد فمن المعلوم أن أسانيد الحديث والآثار أكثر وأكبر، والعلماء بها أعلم


(1) البيت للأخطل في ديوانه 560 من الأبيات المنسوبة له، وهو في الموشى 9 والتمهيد للباقلاني 284 وألف باء (1/ 32) وشرح شذور الذهب 28. وبلا نسبة في البيان والتبيين (1/ 218).
(2) الرجز بلا نسبة في لسان العرب (سوا) ورصف المباني 372. ونسب للأخطل في تاج العروس (سوا)، وهو في ديوانه 557 من الأبيات المنسوبة له.
(3) البيت لحسان بن ثابت في التمهيد 312 وتفسير الرازي (30/ 200،202) ولا يوجد في ديوانه.
(1/ 8)
وأصدق، وهم أعداد لا يحصيهم إلا الله.
فإذا لم يجز تفسير القرآن وتأويله بالألفاظ والمعاني التي هي بين (1) محفوظة منقولة من إمام إلى إمام ومن عدد إلى عدد، أفيجوز أن يرجع في معاني القرآن إلى بيت من الشعر أو كلمة من الغريب أحسن أحوالها أن يرويها واحد عدل عن بعض الشعراء؟! وإذا كانت الأخبار لا تفيد علماً فجميع ما يذكرونه من اللغة العربية والشعر المنقولة بمثل ذلك دونه، ولم نعلم أنه قاله عربي، بل يجوز أن يكون كذاباً، فإذا حملنا عليه كلام الله فقد قلنا على الله ما لم نعلم.
وهذا معلوم بالضرورة والاتفاق من المثبتة والنافية أن اللغة المستفادة من الشعر والغريب الذي يعلمه الآحاد دون ما يستفاد من نقل أهل الحديث، فإذاً لا يفيد العلم بأن العربي قاله، ولو علمنا أن العربي قاله لم يكن علمنا بمراد العربي منه إلا دون علمنا بمراد الرسول والصحابة والتابعين من ألفاظهم. فإذا كان هذا دون الحديث في النقل والدلالة لم يكن حمل معاني القرآن عليه بأولى من حملها على معنى الحديث والآثار، بل تلك أولى من وجوه كثيرة، بل لا يجوز أن يقال: هذا معنى الآية لمجرد إسناد الشعر والغريب ودلالة ذلك، إذ هما لا يفيدان العلم به، فيكون تفسير القرآن بهذه الطريق قولاً على الله بلا علم.
وإذا لم يكن هذا معلوماً، وغيره ليس معلوماً، بطلت دلالة الكتاب والسنة، وسقط الاستدلال به وفهم معانيه، والله أمرنا بتدبره وعقله، فإذا لم يكن لنا طريق إلى العلم بمعناه، لا من جهة نقل الشعر والغريب، ولا

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير