تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[محمد نور الدين الشامي]ــــــــ[01 - 08 - 08, 03:20 ص]ـ

وما رووه عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك - إما سالكاً [طريقاً] أخرى إلى فهم القرآن أو معرضاً عن الجميع - فلا بد له من الجهل والضلال والإفك والمحال، وهو على شفا جرف هار يؤديه إلى الكفر والنفاق، فإن انهار به وقع في نار جهنم، وصار من أهل الحراب والشقاق، {ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب} [الأنفال/13]، و {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم} [المائدة/33].

ولهذا ما زال كل ذي عقل ودين يردون علم معاني الكتاب والسنة إلى العلماء والفقهاء فيه، الذي تلقوه طبقة بعد طبقة ميراثاً محفوظاً، كما قال فيهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في خطبته التي رويناها عنه لكميل بن زياد (1): " احفظ ما أقول لك، القلوب أوعية فخيرها أوعاها، الناس ثلاثة: عالم رباني، ومتعلم على سبيل النجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق يميلون مع كل صائح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجأوا إلى ركن وثيق. يا كميل! العلم خير من المال، العلم يحرسك وأنت تحرس المال، العلم يزكو على العمل والمال ينقصه النفقة، العلم حاكم والمال محكوم عليه، مات خُزان المال وهم أحياء، والعلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة وأمثالهم في القلوب موجودة. آه آه! إن ههنا -وأشار بيده إلى صدره- علماً لو أصبت له حملةً، بل أصبت لقناً غير مأمون عليه، يستعمل آلة الدين في طلب الدنيا، يستظهر بنعم الله


(1) أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء (1/ 79،80) وأبو هلال العسكري في ديوان المعاني (1/ 146،147) والمزي في تهذيب الكمال (24: 220 - 222).
(1/ 31)
على عباده وبحججه على كتابه، أو منقاداً لأهل الحق لا بصيرة له في أحنائه، ينقدح الشك في قلبه بأول عارض من شبهة، لا ذا ولا ذاك، فمنهوم باللذات سلس القياد للشهوات، أو مغرى بجمع المال والادخار، أقرب [شيء] شبهاً بهما الأنعام السائمة، كذلك يموت العلم بموت حامليه ". ثم قال: " اللهم بلى! لن تخلوا الأرض من قائم لله بحجته ".
هذا لفظ العلم الذي رواه أهل العلم بذلك، وأما قولهم " إما ظاهر مشهور وإما غائب مستور " فمن أكاذيب الرافضة الذين يزعمون أنه أشار به إلى ما لا حقيقة له. وليست هذه الزيادات في شيء من الروايات إلا في مثل " نهج البلاغة " (1) الذي أكثره موضوع، وضعه واخترعه الشاعر المعروف الرضي. وتمام الحديث: " أولئك الأقلون عدداً، الأعظمون عند الله قدراً، هجم بهم العلم على حقيقة الأمر، فاستلانوا ما استوعره المترفون، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون، صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحل الأعلى. آه آه! شوقاً إلى رؤيتهم ".
ففي هذا الحديث أن أمير المؤمنين قسم حملة العلم المذمومين ثلاثة أصناف:
المبتدع الفاجر الذي ليس عنده أمانة وإيمان، يبطر الحق الذي جاء به الكتاب ويغمط الخلق، يجادل في آياته بغير سلطان أتاه، إن في صدره إلا كبر ما هو ببالغه. وهؤلاء مثل المتفلسفة والمتكلمة الذين يعارضون القرآن ويعتدون على أهل الإيمان.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير