تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

حملوا كتابي الجديد ((دروسٌ وعبرٌ منَ الهجرةِ النَّبويَّةِ)) للشاملة 3+ورد مفهرسا

ـ[علي 56]ــــــــ[31 - 08 - 08, 07:48 م]ـ

((حقوق الطبع متاحة لجميع الهيئات العلمية والخيرية))

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، القائل في محكم كتابه: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (97) إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (98) فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا (99) وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (100) [النساء/97 - 100]}

والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين، القائل:" لاَ تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ مَا قُوتِلَ الْكُفَّارُ.".صحيح ابن حبان - (ج 11 / ص 208) (4866) صحيح

والقائل أيضاً: " لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا" صحيح البخارى (2783) وصحيح مسلم (4938)

صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

من الأمور المسلَّم بها أن بقاء الدعوة في أرض قاحلة لا يخدمها، بل يعوق مسارها ويشلُّ حركاتها، وجرت سنة الله في خلقه أن يقبل بعض الناس على دعوات رسله، فتنشرح صدورهم لهدايته، وأن يُعرض بعض الناس فينشأ الصراع بين الحق والباطل.

تخضع القضية بعد ذلك لشيء من الموازنة. فإن كانت الفئة المؤمنة من أتباع الحق، من القلة بحيث لا تملك إلا أن تظل مستضعفة في الأرض، فستتلقى من الفئة الكافرة ضربات لا هوادة فيها، ولن يكون للفئة المؤمنة خيار إلا أن تصبر وتتحمل كل صنوف الأذى من أجل دعوتها إلى أن يأتي أمر الله، أو تهاجر لتتمكن من الانطلاق في أرض أخرى.

ولقد قص القرآن علينا أن من الأنبياء من هاجر، منهم: سيدنا إبراهيم، ولوط، وموسى، ومحمد عليهم الصلاة والسلام. قال تعالى على لسان سيدنا إبراهيم: {إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ} (99) سورة الصافات. وقال: {فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [العنكبوت:26].

وقال: {وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَّا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى} [طه:77].

وقال عن هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج:40].

وقال أيضا: {وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِّن قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ} [محمد:13].

فالهجرة إهدار للمصالح، وتضحية بالأموال، ونجاة بالنفس، مع شعور المهاجر بأنه مستباح منهوب، وقد يهلك في أوائل الطريق أو نهايتها، وأنه يسير نحو مستقبل مبهم، لا يدري ما يتمخض عنه من قلاقل وأحزان.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير