تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال الحافظ 13/ 413: "وكأن لفظ الشخص أطلق مبالغة في إثبات إيمان من يتعذر على فهمه موجود لا يشبه شيئاً من الموجودات، لئلا يفضي به ذلك إلى النفي والتعطيل، وهو نحو قوله صلى الله عليه وسلم للجارية: "أين الله؟ قالت: في السماء. فحكم بإيمانها مخافة أن تقع في التعطيل لقصور فهمها عما ينبغي له من تنزيهه مما يقتضي التشبيه، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً" اهـ.

ت: لفظ الشخص صح في الحديث الصحيح إطلاقة على الله، فلا محذور فيه على ما يليق به سبحانه، ولا وجه لقوله: إنه أطلق على الله مبالغة في إثبات إيمان من يتعذر. . . إلخ.

وقوله: فحكم بإيمانها مخافة. . . إلخ، قول خطأ، بل حكم بإيمانها لأنها أثبتت لله الكمال في علوه، بأنه في السماء، وليس في ذلك مخافة التعطيل! ولو كان فيه محذور لبيَّنه الرسول صلى الله عليه وسلم ولسددها، إذ تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز في حقه صلى الله عليه وسلم، هذا في غير مسائل أصول الدين، فما بالك في مسائل الإيمان بالله وأصول الدين فهي من باب أولى. والله أعلم.

* * *

قال الحافظ 13/ 414: "والمراد بالوجه الذات، وتوجيهه أنه عبر عن الجملة بأشهر ما فيها"اهـ.

ت: الصواب أن الوجه صفة حقيقة لائقة بالله، وهو من الصفات الذاتية لله، فكما أن له ذاتاً لا تشبه الذوات، فكذلك له وجه لا يشبه غيره، كما قال عز وجل: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ}.

* * *

ثم قال الحافظ: "ويحتمل أن يراد بالوجه ما يعمل لأجل الله أو الجاه".

ت: هذا في الواقع نفي لصفة الوجه، وتأويل فاسد، وعليه فالاحتمال باطل، والله أعلم.

* * *

قال الحافظ 13/ 416: "وقالت الجسمية: معناه الاستقرار"اهـ.

ت: هذا المعنى للاستواء صحيح لغة وشرعاً من غير حاجة الله للمخلوق، ونسبة القول للجسمية من إسفاف القول بأهل السنة، ونبذهم بالألقاب الشنيعة تهويلاً وتنقيصاً.

والصواب أن الاستواء له معانٍ أربع عند أهل السنة والجماعة، هي: العلو والارتفاع والاستقرار والصعود.

وينبغي أن يُعلم أن الاستواء على العرش من صفات الأفعال التي تكون بمشيئة الله، أما علوه سبحانه فهو صفة ذاتية ملازمة لذاته عز وجل أزلاً وأبداً لا تنفك عنه بحال، والله أعلم.

وانظر التعليق على حديث (3804) من المجلد السابع في مناقب الأنصار، باب 12.

* * *

نقل الحافظ 13/ 418: "وذهب أئمة السلف إلى الانكفاف عن التأويل، وإجراء الظاهر على مواردها، وتفويض معانيها إلى الله تعالى. . . " اهـ.

ت: نسبة تفويض معاني الصفات للسلف الصالح خطأ بالغ، وتجهيل لهم، وتقوّل عليهم بما لم يعتقدوه وإنما مذهبهم إثبات معاني الصفات وفهمها ومعرفتها، وتفويض كيفياتها، كما قاله إمام دار الهجرة الإمام مالك في الاستواء بأنه: معلوم والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عن كيفيته بدعة. وهكذا قال غيره من أئمة السلف كالثوري والأوزاعي وربيعة وغيرهم. وقد ظن إمام الحرمين في الرسالة النظامية أن التفويض للمعنى والحقيقة جميعاً هو قول السلف، وليس هو كذلك، والله أعلم.

* * *

ثم نقل الحافظ 13/ 418: "أحدهما يقول: لا نؤول شيئاً منها، بل نقول: الله أعلم بمراده، والآخر يؤول فيقول – مثلاً – معنى الاستواء الاستيلاء، واليد القدرة، ونحو ذلك. . . " اهـ.

ت: هذا هو مذهب الأشاعرة في باب صفات الله بالتردد بين التفويض المطلق، أو التأويل الفاسد، الذي هو في واقع الأمر تعطيل، والله أعلم.

* * *

قال الحافظ 13/ 421: "قوله: (كان الله ولم يكن شيء قبله) تقدم في بدء الخلق بلفظ: "ولم يكن شيء غيره"، وفي رواية أبي معاوية: "كان الله قبل كل شيء"، وهو بمعنى"كان الله ولا شيء معه"، وهي أصرح في الرد على من أثبت حوادث لا أول لها من رواية الباب، وهي من مستشنع المسائل المنسوبة لابن تيمية، ووقفت في كلام له على هذا الحديث يرجح الرواية التي في هذا الباب على غيرها. . " اهـ.

ت: كلام ابن تيمية رحمه الله تجده في شرحه حديث عمران بن الحصين رضي الله عنهما ضمن مجموع الفتاوى 18/ 210 - 244؛ حيث سلك رحمه الله مسلك الترجيح بين الروايات.

وإنكار حوادث لا أول لها هو قول الأشاعرة ومن وافقهم، وهو مبني على أصل لهم هو: أن القول بحوادث لا أول لها يُفضي إلى القول بقدم العالم، الذي زعمته فلاسفة اليونان، فلذلك نفوه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير