وقول النبي – صلى الله عليه وسلم – عندما سمع رجلا يدعو قائلا: اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله الذي لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد) قال – صلى الله عليه وسلم -: لقد دعا اللهَ باسمه الأعظم الذي إذا سئل به أعطى، وإذا دعي به أجاب.
وقد جمع في هذا الدعاء بين التوسل بأسماء الله وصفاته، والتوسل بالأعمال الصالحة.
والعمل الصالح الذي يتوسل به لابد له من شرطين:
- أن يكون خالصا لوجه الله.
- أن يكون موافقا لهدي النبي – صلى الله عليه وسلم -.
الثالث: التوسل إلى الله – تعالى – بدعاء المسلم الصالح الحي القادر على الدعاء، كما جاء في حديث استسقاء الصحابة – رضوان الله عليهم - بدعاء عمر بن الخطاب، وفي حديث الرجل الذي في الصحيحين الذي جاء إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – وقال: يارسول الله! هلكت الأموال، وتقطعت السبل، فادع الله أن يغيثنا، وغير ذلك من أدلة التوسل إلى الله بدعاء المسلم الصالح.
وكانوا في عهد النبي – صلى الله عليه وسلم – يتوسلون بدعائه، وبعد وفاته – عليه الصلاة والسلام – يختارون من يتوسمون فيه الصالح؛ فيطلبون منه الدعاء في الاستسقاء وغيره، ولم يتوسلوا به بعد وفاته – صلى الله عليه وسلم –؛ لعلمهم أن المقامَ مقامُ دعاءٍ.
فهنا: شيخ الإسلام – رحمه الله تعالى - يتوسل بأمرين، يتقرب إلى الله بأمرين:
الأمر الأول: حب أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم –؛ لأنه من الأعمال الصالحة، من أعمال القلوب؛ حب أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم –، وهو من أعمال القلوب.
الأمر الثاني: حب آل البيت؛ لأنهم لهم ميزة خاصة على غيرهم؛ فيجب أن يُحَبَّ المؤمن منهم محبة خاصة؛ فلذلك هو يتوسل إلى الله بهذين الأمرين، والتوسل إلى الله بالأعمال الصالحة = من أنواع التوسل المشروع؛ ولذلك يقول النبي – صلى الله عليه وسلم –: آية الإيمان حب الأنصار، وآية النفاق بغض الأنصار.
الصحابة الكرام!
والصحابي: هو كل من لقي النبي – صلى الله عليه وسلم – مؤمنا] به [، ومات على ذلك، ولو تخللت ذلك ردة على الصحيح.
وأصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم – كلهم عدول، يجب توليهم، والترضي عنهم، وحبهم، واعتقاد عدالتهم، وتفضيلهم على كل الناس بعد رسول – صلى الله عليه وسلم –، والأنبياء.
فهم صحبه الكرام، لا نفرق بين أحد منهم، كما فعل ذلك أهل الزيغ والبدع والضلال، وإنما نتولاهم جميعا بلا استثاء، وعلى رأسهم العشرة المبشرون بالجنة، وعلى رأس هؤلاء العشرة الخلفاء الراشدون: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي – رضي الله عنهم -.
وبعد العشرة يأتي أهل بدر.
ثم المهاجرون.
ثم الأنصار.
ثم أهل بيعة شجرة الرضوان.
ثم من أسلم قبل الفتح.
ثم من أسلم بعد الفتح.
فيجب توليهم جميعا، وقد تجاوزا مئة وعشرين ألفا يوم حجة الوداع.
ولا يجوز أن نفرق بينهم، كما يفعل أهل الزيغ والضلال، وأهل البدع والانحلال، بل الصحابة كلهم عدول = يجب توليهم جميعا.
ومن كفرهم جميعا = فهو كافر.
ومن اعتقد ارتداتهم = فهو المرتد.
ومن سب أحدا منهم = فهو المسبوب.
ومن نال من أحد منهم = فهو مبتدع ضال مارق.
رضي الله عنهم، وأرضاهم، وأخزى الله من أبغضهم وقلاهم.
ولذلك شيخ الإسلام – هنا – يبين - في هذا البيت - أنه يتقرب إلى الله بحبهم، والتقرب بحب الصالحين = عمل صالح، ليس المراد بالتقرب: التمسح بالصالحين، أو التعلق بهم من دون الله، أو دعائهم، أو الاستغاثة بهم، لا الصحابة، ولا غير الصحابة، ولا الأنبياء.
حتى الأنبياء لا يستغاث بهم، ولا يدعون من دون الله، ولا الصحابة، ولا الصالحون، ولا الأولياء؛ فالاستغاثة بهم، أو دعاؤهم من دون الله = شرك أكبر = يخرج من حظيرة الإسلام، لكننا نتوسل إلى الله بحبهم، وهو التوسل المشروع، وحبهم = عمل صالح من أعمال القلوب الصالحة؛ ولذلك يقول النبي – صلى الله عليه وسلم –: من السبعة الذين يظلهم في ظله يوم لا ظل إلا ظله: رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وافترقا عليه.
¥