وتزعم طائفة الرافضة أن بعض الروايات التي جاء فيها (أصحابي! أصحابي! فيذاذون عنه) أن المراد بذلك أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم –؛ الذين عاصروه؛ وهذا دجل وقلة حياءٍ في حق الصحابة – رضوان الله عليهم أجمعين -، ومن وصف الصحابة بذلك = فهو أوْلَى بالرد عن الحوض، والذوذ عنه، والاختلاج دونه؛ لأن الصحابة – كما بَيَّنا – هم أفضل هذه الأمة بعد نبيها – صلى الله عليه وسلم –:
فمن تنقصهم = فهو المُتَنَقَّصُ.
ومن كفرهم = فهو الكافر.
ومن اعتقد ارتدادهم = فهو المرتد.
ومن حط من أحد منهم، أو تنقصه = فهو أحق بالحطَّ والتنقص.
قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم –: أنا فرطكم على الحوض.
معنى فرطكم أي: أسبقكم إليه، والفَرَطُ هو الذي يسبق غيرَه؛ ولذلك يسمى الطفل الذي يموت صغيرا: فَرَطًا؛ ولذلك جاء في دعاء الجنازة في الصلاة على الطفل: اللهم اجعله فَرَطًا، وشفيعا، وذخرًا لوالده.
فمسألة الحوض متواترة روي عن أكثر من سبعين صحابيا، ولا ينكره إلا مُلْحِدٌ.
((المتن))
وكذا الصِّراطُ يُمَدُّ فوقَ جَهَنَّمٍ ///فَمُسَلَّمٌ نَاجٍ وآخَرَُ مُهْمَلُ
((الشرح))
يقرر – في هذا البيت – وجوب الإيمان بالصراط، والصراط هو جسر ينصب على متن جهنم – كما سمعنا قبل قليل في آيات مريم - وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا} مريم: 71 – 72 {، وهو جسر صغير في حجمه، لكنَّ المؤمنين يثبتون عليه، ودعاءُ الأنبياء أثناء المرور على الصراط (اللهم سلم سلم)، والناس يمرون عليه بحسب أعمالهم: فمنهم من يمر كالبرق الخاطف، ومنهم من يمر كأجاود الخيل، ومنهم من يمر كالريح، ومنهم من يعدو عدوًا، ومنهم من يركض ركضًا، ومنهم يزحف زحفا، ومنهم من يريد العبور؛ فتتخطفه كلاليب جهنم فيكردس فيها – والعياذ بالله -.
نسأل الله أن يجعلنا وإياكم ممن يتجاوز الصراط بسلام؛ انتبهوا دعاء الأنبياء كيف؟ (اللهم سلم سلم).
فالصراط حق يجب الإيمان به، وقد جاء بيانه في القرآن وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} مريم: 71 {أي المقصود المرور عليها؛ لأن هذا الجسر يقسم جهنم نصفين، فيمر الناس عبره، أو من خلاله على حسب أعمالهم.
وكذلك: هذا أنكرته المعتزلة، وأنكرته بعض الطوائف الضالة، والحق أنه جسر ثابت ينصب على متن جهنم، يمر الناس من فوقه، ولا يضر المؤمنين؛ فإنهم يمرون كصلاة يؤديها أحدُنا، وأما الكافرون فإنهم يكردسون في النار، يلقون فيها، ولا يستطعون المرور على الصراط، نسأل الله أن يقينا وإياكم أهوال ذلكم اليوم.
((المتن))
والنَّارُ يَصْلاها الشَّقيُّ بِحِكْمَةٍ ///وكذا التَّقِيُّ إلى الجِنَانِ سَيَدْخُلُ
((الشرح))
في هذا بيان أن الشيخ يؤمن – كما يؤمن أهل السنة قاطبة – بأن المؤمنين سيدخلون الجنة، وأن الكفار سيدخلون النار، وأن الناس تتفاوت دراجاتهم، في ذلك، كما أن دركات أهل النار تتفوت، والجنة حق، والنار حق، يجب الإيمان بهما، وأنهما مخلوقتان موجودتان - الآن -، وأن الله قد أقسم أنَّ لكل واحدة منها مِلْأََهَا لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} هود: 119 {و} السجدة: 13 {.
فلكل عليه ملؤها، كما وعد – سبحانه وتعالى - وهو لا يخلف المعياد.
فأما الجنة فيدخلون إلى الرحمان وفدا، وكلمة وفد تشعر بالهدوء، والطمأنينة، والاستقرار، والكافرون يحشرون إلى جهنم وردا كناية عن السرعة، وسرعةالانغماس فيها – والعياذ بالله – والتكردس فيها؛ ولذلك قال عن أهل الجنة حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} الزمر: 73 {.
انتبهت؟! الواو تدل على الطمأنينة، والهدوء، والأمن، لكن الكفار قال:حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} الزمر: 71 {– والعياذ بالله - نعوذ بالله وإياكم من هذا المصير -. ما فيه إمهال؛ حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا} الزمر: 71 {.
¥