ليس في هذا الكتاب إلا سب معاوية وعمرو بن العاص – رضي الله عنهما -، لا يوجد في الكتاب شيء غير ذلك – أبدا – ما فيه إلا السب لهذين، ولكن أبشركم – ولله الحمد – أن الرجل قد اهتدى ورجع.
كتبتُ له جوابا على بحثه يكاد أن يكون مثل بحثه، يزيد عن ثلاثين صفحة، وصححت مفهومه، وهو اعتمد – فقط – على هذين الكتابين: اليعقوبي، والمسعودي، وهي من أشهر كتب الضلال في التاريخ، حتى كتب التاريخ الأخرى لم تسلم، ولكن هذه كلها ضلال، فلا يجوز الاعتماد عليهما.
ولا تلتفتوا – يا إخواني! – إلى بعض شطحات الكُتَّاب المعاصرين الذين وقعوا، وولغوا في أعراض الصحابة؛ فمنهم من كفر معاوية وعمرا، ومنهم من كفر عليا – رضي الله عنهم أجمعين -، ومنهم من كفر كلَّ من شارك في صفين والجمل، ومنهم من وصف معاوية وعمرا بشراء الذمم، وبالظلم، وبالكفر، ونحو ذلك، وكل هذا = قلدوا فيه إخوان القردة والخانزير، بل إن إخوان القردة والخنازير لو سئلوا عن أفضل قومهم؛ لقالوا: أصحاب عيسى، ولو سئل النصارى عن أفضل أمتهم – بعد عيسى –؛ قالوا: أصحاب عيسى، ولو سئل هؤلاء القوم الضالون عن شر قومهم – أو عن شر الأمة -؛ لقالوا: أصحاب محمد – صلى الله عليه وسلم –، عليهم من الله ما يستحقون.
فانتبهوا! واحذروا من هذا المسلك.
هؤلاء الكُتَّاب – ويا للأسف! – أنهم محسبون على أهل السنة، ومع ذلك يغتر بعض الناس بكتاباتهم، ويسميهم شهداء! فانتبه!
الصحابة لا نسمي شهيدًا إلا من شهد له النبي – صلى الله عليه وسلم –، أما من قتل ولم يشهد له النبي – صلى الله عليه وسلم –؛ فنقول: نرجو الله أن يكون شهيدا، أما نأتي إلى كُتَّاب، سبوا أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم –، وكفروهم، ونصفهم بالشهادة! فهذه مصيبة من المصايب، نعم نحن نترك مآلهم إلى ربهم – سبحانه وتعالى -، ونكل مصيرهم؛ لأنهم جهلة، قد يعذرون بجهلهم، الله أعلم بحالهم، أمرهم إلى الله – سبحانه وتعالى -، لكن هل نسكت عن كتاباتهم، في سب الصحابة، وتكفيرهم؟ لا! فالساكت عن ذلك = شيطان أخرص، فنتبه يا عبدَ الله!
حب الصحابة = قربة، يقرب إلى لله – عز وجل -؛ ولذلك بيَّن – رحمه الله – هنا – في هذا البيت: أنه يتوسل ويتقرب إلى الله بحبهم، لا بالتعلق بأشخاصهم، لا بالتبرك بأجسامهم، لا بعبادتهم، لا بدعائهم، لا بسؤالهم شيئا من دون الله كما يفعل كثير من المشركين في هذا العصر، لا بالاستغاثة بهم، وإنما نتوسل إلى الله بمحبتهم، ومحبة كل مسلم صالح؛ لأن هذا من الأعمال الصالحة، ثم بيَّن توسله بذوي القربى؛ من هم؟ آل البيت المؤمنين الصالحين، وعلى رأسهم: علي، وفاطمة، والحسن، والحسين، والعباس، وغيرهم من بني هاشم، وبني المطلب.
وكذلك أزواج النبي – صلى الله عليه وسلم – = كلهم يعتبرون من آل البيت يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} الأحزاب: 33 {.
فأزواج النبي – صلى الله عليه وسلم – يعتبرن – أيضا – من أهل البيت؛ فيجب محبتهن، واعتقاد أنهن أمهات المؤمنين وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} الأحزاب: 6 {.
ولا يجوز أن ننال من أحد منهن، ولا من آل البيت الطاهرين الطيبين، كما تفعل النواصب والخوارج؛ فنحن نبتعد – في هذا - عن منهج الروافض المارقين، وعن منهج النواصب الخوارج المارقين؛ فنكون وسطا في محبة أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم –، وفي محبة آل بيته على المنهج الذي قرره أهل السنة والجماعة، ونرى أن ذلك عمل صالح يقرب إلى الله، كما بيَّن الشيخ – هنا – رحمه الله تعالى -.
((المتن))
وَلِكُلِّهِمْ قَدْرٌ علا وَفَضائلٌ /// لكِنَّما الصِّديقُ مِنْهُمْ أَفْضَل
((الشرح))
الآن يبين فضله من حيث الدرجات؛ فالصحابة كلُّهم فاضلون، على نحو ما بينا قبل قليل، وكلُّهم عدول، وكلُّهم تجب محبتهم، وكلُّهم يجب اعتقاد عدالتهم، ويجب اعتقاد أنهم أفضل الأمة بعد نبيها – صلى الله عليه وسلم –، ولا نفرق بين أحد منهم، لكن لا شك أن بعضهم يفضل بعضا، فأفضلهم – على الإطلاق – الصديق أبو بكر – رضي الله عنه وأرضاه – رفيق النبي – صلى الله عليه وسلم – في الغار، والذي قال فيه: ما طلعت على أفضل من أبي بكر.
وقال – صلى الله عليه وسلم –: ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا.
وكثيرا ما كان يردد – صلى الله عليه وسلم – ويقول: جئت أنا وأبو بكر وعمر، ودخلت أنا وأبو بكر وعمر، وخرجت أنا وأبو بكر وعمر؛ فهذا هو الصديق أفضل هذه الأمة بعد نبيها – صلى الله عليه وسلم –، أول من أسلم من الرجال - رضي الله عنه وأرضاه -، والحديث عن فضله يطول، لكننا نريد شرح هذه الأبيات باختصار.
((المتن))
وَلِكُلِّهِمْ قَدْرٌ علا وَفَضائلٌ /// لكِنَّما الصِّديقُ مِنْهُمْ أَفْضَل
((الشرح))
يعني كل الصحابة لهم فضائل، وكلُّهم عدول – كما بينا -.
وأفضلهم – كما بين النبي – صلى الله عليه وسلم – هو أبو بكر الصديق – رضي الله عنه وأرضاه -، فمن نال منه = فإنما ينال من هدي النبي – صلى الله عليه وسلم –، وينال من القرآن، وقد أثنى الله عليه في كتابه كما قال – جل وعلا - وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى وَلَسَوْفَ يَرْضَى} الليل: 19 - 21 {.
وأثنى عليه في سورة الأنفال فقال إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} التوبة: 40 {فمن هو هذا الثاني؟
أبو بكر – رضي الله عنه وأرضاه، وأخزى الله من أبغضه وقلاه -.
¥