لأن المحبة درجات كما ذكر ذلك شيخ الإسلام و ابن القيم في روضة المحبين فأول درجاتها الإرادة ثم الصبابة ثم الود ثم الغرام ثم العشق إلى أعلى درجاتها التتيم ثم التعبد ثم الخلة و منهم من يقدم الخلة ثم التعبد و نسأل الله سبحانه و تعالى أن يجعل محبتنا في الله و بالله.
(ملة إبراهيم) ملة أي شريعة و دين إبراهيم عليه الصلاة و السلام، و نسبت إلى إبراهيم؛ لأنه أبو الأنبياء؛ * و لأن له مقاماً عظيماً في تحقيق التوحيد و البراءة من الشرك و أهله و لو كان أباه و الملك في زمانه النمرود.
أن الحنيفية ملة إبراهيم و لذلك أثنى الله عز و جل على إبراهيم لأنه حقق الولاء و البراء (??? ???????????? ????? ??•???) أمة يعني إماماً و قدوة في الخير و جمع الله عز و جل له هذا الوصف يعني الأمة قال: لئلا يستوحش السالك من القلة أو للمبالغة أو بالأصح للزيادة في الثناء عليه و التأكيد على ذلك.
الحنيفية ملة إبراهيم و هي (أن تعبد الله) هذا تفسير الحنيفية (مخلصاً له الدين) إخلاص العبادة لله ومن الإخلاص البراء من أعداءه و أهل الشرك.
(أن تعبد الله) و العبادة في اللغة: من التعبد أو العبودية و هي التذلل يقال: طريق معبد أي مذلل
* نهاية الوجه الأول.
وطأته الأقدام و الركائب و من ذلك العبد.
و في الاصطلاح الشرعي: اسم جامع لكل ما يحبه الله و يرضاه من الأقوال و الأعمال الظاهرة والباطنة
أقوال اللسان و القلب يعني خطراته و أعمال البدن ظاهرة و الجوارح و أعمال القلب مثل المحبة و الخوف و الرجاء و مثل الأعمال الأخرى كالحسد و البغضاء أعمال الخير و الشر فإن للقلب أعمالاً و للبدن أعمالاً كذلك القول الأقوال الظاهرة و الباطنة و قيل: هي غاية الذل و غاية الخضوع و المحبة و هذا لا يكون إلا لله عز و جل لا يجتمع غاية الخوف و غاية الرجاء غاية الحب و غاية الذل و الخوف إلا لله عز و جل فإنك قد تحب إنساناً و لكن لا تخاف منه و قد تخاف منه فلا تحبه و قد تحب و تخاف و لكن قليل مثل الوالد لكن الغاية لله عز و جل فإنه ما من أحد تحبه إلى الغاية و تخاف منه إلى الغاية إلا الله عز و جل و لذلك تقول في الدعاء: لا ملجأ منك إلا إليك أو أعوذ بك منك هذه المحبة و الخوف الرجاء و الخوف و ما من أحد خفت منه إلا هربت منه حتى الوالد إلا الله فإنك كل ما خفت منه التجأت إليه محبة له عز و جل و لذلك لا ملجأ منه إلا إليك أعوذ بك منك.هذه هي العبادة و أعمال العباد كثيرة.
و اعلم أيها المسلم أن أعظم وصف وصفت به عبادة الله عز و جل و أعظم مقام حققه السالكون عبودية الله عز و جل (العبودية) و كلما ازداد العبد تحقيقاً للعبادة كلما كثرت عبادته أحبه الله و ارتقى و علا و سمى صعداً في المنازل و الدرجات العالية محبة عند الله عز و جل بل و عند خلقه و لهذا: " لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل (العبادات يعني) حتى أحبه " و لذلك وصف الله عز وجل نبيه ? بوصف العبودية في أشرف المقامات كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه العبودية في الوحي: (????? ??????? ??? ?????? ?????? ?????•??? ?????? ?????????)، الإسراء: (????????? ??????? ???????? ???????????)، الدعوة: (????????? ????? ????? ?????? ???? ?????????)، و في الوحي أيضاً: (????????? ?????? ????????? ???? ????????)، التحدي:
(????? ??????? ??? ?????? ?????? ?????•??? ?????? ?????????) كل الأنبياء وصفوا بذلك: (?????????? ?????????? ???????) ثم قال عز وجل: (??????? ?????????? ? ???????? ???•??? ???? ?????????? ??????????? ???????????? ???????????)، المسيح (??? ??????????? ??????????? ??? ??????? ??????? ??) الملائكة: (???? ??????? ???????????) ولا يمكن أن يخرج عبد عن وصف العبودية لله عز و جل أبداً بل أعظم وصف له هو العبودية كما قال عياض بن موسى اليحسبي:
و مما زادني شرفاً و تيهاً و كدت بأخمصي أطأ الثريا
دخولي تحت قولك يا عبادي و أن صيرت أحمد لي نبيا
عليه الصلاة و السلام.
و كما قال القائل:
لا تدعني إلا بيا عبده فإنه أشرف أسمائي
¥