فيقول الإمام الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب تغمده الله بواسع رحمته في معرض ذكر الأصل الأول من الأصول الثلاثة و هي معرفة العبد ربه فبعد أن ذكر الآيات و المخلوقات التي بها يعرف العبد ربه ذكر بعد ذلك أن العبادة إنما تُصرف لله سبحانه و تعالى و لا يجوز صرف شيء منها لغيره عز و جل.
قال: و أنواع العبادة التي أمر الله بها مثل: الإسلام، و الإيمان، و الإحسان، و منه: الدعاء، والخوف، و الرجاء، و التوكل، و الرغبة، و الرهبة، و الخشوع، و الخشية، و الإنابة، و الاستعانة، و الاستعاذة، و الاستغاثة، و الذبح، و النذر، و غير ذلك مما أمر الله سبحانه و تعالى به، كل ذلك لله سبحانه و تعالى.
و الدليل قوله عز و جل: (•????? ????????????? ?? ???? ????????? ???? ???? ??????? ????). فمن صرف شيئاً من ذلك لغير الله فهو مشرك كافر.
و الدليل قوله تعالى: (????? ?????? ???? ???? ?•?????? ??????? ?? ????????? ????? ????? ????????? ?????????? ????? ????????? ? ??????? ?? ???????? ?????????????? ?????).
ثم شرع بعد ذلك في ذكر أدلة هذه الأنواع المذكورة من أنواع العبادة.
قال (و أنواع العبادة التي أمر الله سبحانه و تعالى بها) أي كل ما أمر الله عز و جل به على وجه التعبد فهو عبادة لا يجوز صرفه لغير الله عز و جل و إذا صح تسمية الشيء عبادة فصرفه لغير الله عز و جل كفر أو شرك ما دام انه عبادة لله عز و جل.
العبادة: تقدم تعريف العبادة و أنها اسم جامع لكل ما يحبه الله و يرضاه من الأقوال و الأعمال الظاهرة و الباطنة أي أقوال اللسان و أعمال البدن و القلب فإنها هي الأعمال الباطنة كما سيأتي ذكر أمثلة على كل هذا و ضابطها ما ذكره بقوله التي أمر الله عز و جل بها فما أمر الله به له فهو عبادة لا يجوز صرفها لغيره سبحانه و تعالى.
قال (مثل الإسلام، و الإيمان، و الإحسان) و سيأتي ذكر هذه الثلاثة في الأصل الثاني و هو معرفة العبد دينه إن شاء الله تعالى.
و (الإسلام) هو الاستسلام لله بالتوحيد، و الانقياد له بالطاعة و الخلوص من الشرك و قيل: البراءة من الشرك لأنها أبلغ من الخلوص من الشرك. و الإسلام إذا أطلق في القرآن فإنه أكثر ما يقصد به التوحيد أي شهادة أن لا إله إلا الله و يدخل في ذلك بقية الشرائع شرائع الإسلام كما سبق و أن مثلنا قال عز و جل: (?????? ???? ??????? ?? ??????? ???? ????) ثم قال: (•??? ????????? ????? ???? ??????????? ?) وبين عز و جل أن دين الرسل جميعاً الإسلام أي عقيدة التوحيد الخالص و قال عز و جل و أخبر عن يعقوب أنه قال لبنيه: (???? ????????? ???? ???????? ??????????? ?????) أي مخلصون لله التوحيد كما قال ?: (من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة).
(و الإيمان) الإيمان في اللغة: التصديق قال عز و جل حكاية و إخباراً عن إخوة يوسف لأبيهم: (?????? ????? ?????????? ????? ?????? ?•??? ?????????? ????) و هو في الاصطلاح: قول باللسان، و تصديق بالجنان و عمل بالأركان و هو يزيد بالطاعة و ينقص بالعصيان.
و الإسلام مع الإيمان من الألفاظ المتقاربة التي يقال فيها إذا اجتمعت افترقت و إذا افترقت اجتمعت فإذا أطلق أحدهما دخل فيه الآخر و إذا اجتمعا في الذكر فُسر الإسلام بالأعمال الظاهرة و فُسر الإيمان بالأعمال الباطنة كما في حديث جبرائيل لما سأل النبي ? عن الإسلام ففسره بالأعمال الظاهرة الشهادة و الصلاة و الزكاة و الصوم و الحج، ثم سأله عن الإيمان ففسره بالتصديق الباطن أن تؤمن بالله وملائكته و كتبه و رسله و اليوم الآخر و القدر و سيأتي إن شاء الله تعالى بعد ذكر الإحسان في المرتبة الثانية أو في الأصل الثاني من الأصول الثلاثة. و في قوله عز و جل: (??????? ??????????? ?•?????? ? ??? ???? ??????????? ???????? ????????? ???????????) فيُفسر هذا بالأعمال الظاهرة و هذا بالأعمال الباطنة و أما إذا افترقا في الذكر فيدخل في كل واحد منهما الآخر و لهذا فسر النبي ? الإيمان كما في الحديث الصحيح حديث وفد عبد قيس قال: آمركم بالإيمان بالله وحده كما في البخاري: (أتدرون ما الإيمان بالله وحده؟ شهادة أن لا إله إلا الله، و أن محمداً رسول الله، و إقام
¥