تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويدخل في هذا الإطار المخطوط الذي عالج موضوعا عربيا ولكن بهجائيات غير عربية كتلك التي نسخت بالحرف العبري أو الحرف اللاتيني وتعرضت لمؤلفات علماء عرب ككتب ابن رشد الحفيد أوالفرابي أوغيرهما ([5] ( http://www.ulum.nl/d50.html#_edn5)).

أهميته ومجالاته:

لا نقبل أيّ طرح ينفي قيمة المخطوط أو يجحد أهميته، فهو بدون جدال أنفس ما اقتنته مكتباتنا و أغلى ما احتواه تراثنا، فالكتاب المطبوع مهما غلا ثمنه أو نذر وجوده يمكن أن يعوض بالاستنساخ أوالطبع، أمّا المخطوط فتظل قيمته الذاتية عالية جدا، فكل نسخة من نسخ الكتاب الواحد مهما تعددت تظل تختزن غناها المطلق بما تحتويه من السماعات والتمليكات والمقابلات، بالإضافة إلى استحالة تعويضها و استخلافها في حالة الضياع أو الاندثار.

إنّ ترثنا المخطوط يعد أضخم تراث عرفته البشرية فهو يمتد على طول حقبة زمنية تصل إلى ما يربو عن أحد عشر قرنا أو يزيد، تبدأ مند عرف العرب الكتب و تستمر إلى دخول الطباعة إلى عالمنا العربي مع نهاية القرن العشرين للميلاد، و إنّ تأخر وصول فن الطباعة إلى عالمنا أمدّ عمر المخطوط و أعطاه امتدادا في العصور الحديثة بالإضافة إلى العمق التاريخي البعيد.

فتراثنا المخطوط يعكس وجود حضارة هي أرقي الحضارات التي عرفها التاريخ، حضارة استطاعت أن تستوعب حضارات الأمم القديمة و أن تهضمها و تتمثلها و تضيف إليها و تثيرها و تخرجها لنا في صورة رائعة كانت أساسا لقيام النهضة الأوربية ([6] ( http://www.ulum.nl/d50.html#_edn6)).

فقد تربع العرب على عرش العلوم و المعارف قرونا من الزمن كانوا فيها منبع العطاء و مصدر الإفادة، وكانت لغتهم الوعاء الذي احتفظ بتراثهم الفكري والحضاري مضافا إليه تراث الأمم القديمة بعد أن ترجموه و أضافوا إليه كلّ ما فتح الله به عليهم، و لولا الحضارة الإسلامية التي صيغت باللسان العربي لتأخر عصر النهضة الأوربية قرونا من الزمن ([7] ( http://www.ulum.nl/d50.html#_edn7)).

و إنّ وعينا لهذه الأسباب يسوقنا للإدراك أنّ رصيدنا من المخطوطات يحتل مكانا مرموقا و موقعا هائلا ضمن مخطوطات العالم إن من حيث الكثرة أو من حيث التنوع أو من حيث الإمداد، فقد نقلت حركة الترجمة من تراثنا المخطوط كما هاما جدا كان له أثره الفعال فيما وصلت إليه أوربا بعد من التقدم و التطور.

و رغم النكبات و الهزات التي تعرضت لتراثنا المخطوط ورغم المحن التي عصفت به و ذهبت بالكثير من كنوزه و نفائسه، إن بفعل أعدائه الذين كان يسوقهم الغيظ والخنق لاستئصال كلّ أثر من أثار قوة هذه الأمة و نفوذها، إذ ما فعله المغوليون و الصليبيون وغيرهم من أعداء الحضارة و العلم سيظل منقوشا في ذاكرة الأمة، شاهدا على مدى ما وصل إليه الأعداء من الأحقاد و الظغائن، وساهم مع هؤلاء من هم من أبناء هذه الأمة، دفعتهم العصبيات الطائفية والخلافات السياسية والصراعات الفقهية والأزمات الاقتصادية إلى التخلص من كم هائل من المخطوطات.

فالصراع على الحكم بين ملوك الطوائف في الأندلس ذهب ضحيته ألاف الكتب "ففي خلافة أبي يوسف يعقوب الموحدي انقطع علم الفروع وخافه الفقهاء، وأمر بإحراق كتب المذهب بعد أن جرد ما فيها من حديث وقرآن فأحرق منها جملة في سائر البلاد كمدونة سحنون وجامع ابن يونس ونوادر ابن أبي زيد القيرواني ومختصر وكتاب التهذيب للبرادعي وواضحة ابن حبيب، وما جانس هذه الكتب ونحا نحوها، وهي أجود ما ألف في فقه المالكية" ([8] ( http://www.ulum.nl/d50.html#_edn8)) إلى أن يقول "و قد شوهد عند الإحراق كتب الفروع يؤتى منها بالأحمال، فتوضع ويطلق فيها النار" ([9] ( http://www.ulum.nl/d50.html#_edn9))

والأزمة الاقتصادية التي ألمت بمصر سنة واحد وستين وأربعمائة قضت على ألوف أخرى، حتى أنّ عبيد المغاربة اقتحموا قصر الخليفة وسطوا على مكتبته و مزقوا كتبها و اتخذوا من جلودها نعالا ([10] ( http://www.ulum.nl/d50.html#_edn10)).

و رغم كل هذه الهزات و الضربات التي أريد بها نخر التراث المخطوط ومع كثرة ما استنزف منه ظل قائما شاهدا على قدرات الأسلاف و طاقاتهم الفائقة في الإلمام والإحاطة بالعلوم والفنون على تنوعها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير