جمع السيوطي الأحاديث النبوية القولية مرتبة على حروف المعجم، معتمداً على مصادر كثيرة، وقد بلغ عدد الأحاديث التي جمعها: (10031) حديثاً، ثم أضاف السيوطي إلى هذا الكتاب زيادة أخرى من الأحاديث فاتت عليه، بلغ عددها (4440) حديثاً.
وقد جمع بين الكتاب وزيادته الشيخ يوسف النبهاني في مؤلف واحد سمّاه: (الفتح الكبير) رتبه على حروف المعجم تبعاً للسيوطي، وبلغ عدد أحاديثه (14471) حديثاً.
وعمل السيوطي هذا عمل عظيم وجهد جبار مبتكر يسهل عملية البحث عن الحديث المطلوب، وكان يذكر درجة كل حديث من حيث الصحة أو الضعف، ولكن تميزت كثيراً من آرائه بالضعف والتساهل، ولهذا قام الشيخ الألباني بتتبع أحاديثه وبيان درجتها، وقسمه إلى كتابين: صحيح الجامع الصغير وزيادته، وضعيف الجامع الصغير وزيادته، وهما مطبوعان منتشران.
11 - جمع الجوامع، للحافظ السيوطي (ت 911هـ):
جمع فيه السيوطي ثمانين كتاباً من كتب السنة، وقسمه قسمين:
الأول: يتضمن الأحاديث القولية، وقد رتبها على حروف المعجم كالجامع الصغير.
الثاني: ويتضمن الأحاديث الفعلية وما شابهها، وقد رتبها على مسانيد الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ وهذا الجهد جهد كبير متميز، ويُعد من أكبر الموسوعات الحديثية المصنفة، إلا أنه محشو بالأحاديث الضعيفة، بل والموضوعة، وقد نشر الكتاب مصوراً من مخطوطة دار الكتب المصرية، تحت إشراف الهيئة المصرية العامة للكتاب، إلا أن الاستفادة منه بهذه الصورة متعسرة وتستهلك جهداً ووقتاً، وتتطلب معرفة بقراءة المخطوطات ومصطلحاتها. ثم نشرت أجزاء يسيرة من الكتاب بدون تحقيق أو دراسة.
12 - كنز العمّال في سنن الأقوال والأفعال، لعلاء الدين علي بن الحسام المتقي الهندي (975هـ).
جمع فيه المتقي الهندي: الجامع الصغير وزيادته، مضافاً إليه ما بقي من قسم الأقوال، وقسم الأفعال من كتاب جمع الجوامع، ورتبه جميعه على الأبواب الفقهية على غرار جامع الأصول لابن الأثير، والكتاب محشو بالأحاديث الضعيفة والموضوعة تبعاً لكتابي السيوطي. ولكبر حجم الكتاب فإن ترتيب الأحاديث القولية والفعلية على الأبواب لا يخلو من تداخل وخلط ونقص، ولهذا فإن الباحث قد يجد صعوبة أحياناً لكي يصل إلى مطلوبه.
وقد عمل الأستاذان: نديم وأسامة المرعشلي فهرساً لأطراف الأحاديث على نسق حروف المعجم، لتيسير البحث فيه.
وبعد: فقد كانت هذه إلمامة مختصرة ببعض جهود أئمة الحديث في جمع السنة النبوية وترتيبها، ولم أقصد الاستقصاء التام لجميع الأعمال، ولكن أردت أن أبرز بعض الجهود العظيمة التي قام بها أولئك الأفذاذ، رغم قلة الإمكانات وقتها.
ولم يتوقف جهد المحدثين عند الجمع والترتيب، بل تعداه إلى علوم أخرى من أهمها: ضبط قوانين الرواية تحملاً وأداء، وتوثيق المرويات وتدقيقها، والكلام على الرواة جرحاً وتعديلاً، وشرح النصوص وبيان مشكلاتها ومقاصدها، وبنوا صرحاً شامخاً تميزت به هذه الأمة من بين الأمم، فحفظت السنة ـ بحمد الله ـ من كل تحريف أو تبديل.
ولكن خلفت من بعدهم خلوف نسيت كثيراً مما ذُكرت به فضاعت وضيّعت، فأهمل حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- إهمالاً شديداً، واندرست بعض المعالم من سنته علماً وعملاً، وظلت كنوز الأمة مخطوطة، حبيسة في أدراج المكتبات ردحاً من الزمن!
وفي العقدين الأخيرين ـ بشكل خاص ـ ظهرت بوادر الصحوة الإسلامية العامة، التي كان من ثمراتها المباركة رجوع كثير من الباحثين وطلاب العلم إلى تراث السلف الصالح، فنشر الكثير من المخطوطات القيمة والدراسات المتميزة، ولا زالت دور النشر تدفع المزيد منها، نسأل الله ـ تعالى ـ أن يبارك فيها.
وفي منتصف التسعينات الهجرية ظهرت في الأوساط العلمية نداءات تدعو إلى ضرورة جمع الحديث الشريف في موسوعة كاملة، وقد قامت ـ بفضل الله تعالى ـ مشروعات عديدة بهذا الصدد، استفاد بعضها من إمكانات الحاسب الآلي .. وتحتاج هذه المشروعات إلى تعريف ودراسة وتقويم، أرجو أن يتيسر قريباً في مقالة أخرى.
الهوامش:
(1) ميزان الاعتدال. 2/ 609.
(2) بل تجد أن كتاب (أهل الكتاب) في المجلد السادس برواية النجار، يتكرر في المجلد العاشر برواية الحذاقي، مع زيادة ونقص.
(3) انظر الرسالة (مطبوعة على الآلة الكاتبة) ص (د).
¥