تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[طوق الحمامة في التداوي بالحجامة]

ـ[ rehalelislam] ــــــــ[08 - 02 - 05, 05:45 ص]ـ

الحجامةطوق الحمامة

في التداوي بالحجامة

الشيخ أبو محمد أحمد شحاته السكندرى

عونك اللهمَّ وتأييدك، وإرشادك إيَانا وتسديدك

الحمد لله الذى خلق الإنسان فأحسن خلقه وسوَّاه، وهداه لما فيه سعادته فى دنياه وأخراه، ويسَّر له سبل السلامة من الهلاك والعطب، وفطره على محبة العافية فهى غاية المراد ومنتهى الأرب، وابتلاه بالأدواء والأوجاع لتكون تكفيراً لذنوبه وتطهيراً، وحذره من اتلاف نفسِه وجسدِه تحذيراً كبيراً، فقال سبحانه ومن أصدقُ من الله قيلاً، ((إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولاً)).

وبعد ..

فالحجامة من العلاجات الطبية القديمة لدى الكثير من المجتمعات البشرية، من مصر القديمة غرباً، إلى الصين شرقاً، فقد عرفها وألفها الصينيون والبابليون والفراعنة، والهنود والعرب، ولا يغيبن عنك أن الحجامة مع الإبر الصينية من أهم ركائز طب الصين التقليدى. وقد كان الحجامون القدماء يقطعون أطراف القرون المجوفة لبعض الحيوانات، والفروع القوية لأشجار البامبو، ويستعملونها كمحاجم، يضعونها على مواضع الحجامة من أبدان المرضى. ومع مرور الزمن، وتطور الألات، استعملوا بدلاء من الكئوس الزجاجية التى تفرغ من الهواء بحرق قطعة من القطن أو الورق داخلها.

ولقد عرفها العرب قبل الإسلام، ربما تأثراً بالمجتمعات المجاورة، بل واستعملوا فى الحجامة طريقةً لعلهم لم يسبقوا إليها، كانت تعرف بـ ((حجامة دودة العلق Blood-Sucking Leech )) ، وهى دويدة حمراء تكون بالماء، تعلَّق بالبدن لتمص الدم المحتقن فى أماكن الورم كالحلق، فكانوا يجمعون ذلك الدود، ويحبسونه يوما أو يومين بلا طعام، ويستخرجون جميع ما بأجسامها لتشتد وتجوع، ثم يعلِّقونها على مواضع الورم، لتمصه مصاً قوياً.

ولما جاء الإسلام أقرَّ الحجامة، بل وجعلها فرعاً من فروع الطب النبوى المتلقى بالوحى عن الله، فقد احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلَّم وأعطى الحجام أجره، وندب أمته إلى التداوى بالحجامة، وقال ((خير ما تداويتم به الحجامة))، وقال ((إن أمثل ما تداويتم الحجامة والقسط البحرى))، فى طائفةً من الأحاديث النبوية التى تناهز المائة، كما سيأتى بيانه فى باب: الحجامة فى الطب النبوى.

وربما مثلت الحجامة الجزء الأكبر من الطرائق العلاجية للعديد من بلدان العالم إلى وقت ليس بالبعيد، خاصةً فى البلاد الحارة، والأمزجة الحارة، التى دم أصحابها فى غاية النضج، حيث تميل الطبائع إلى تهيج الدم وميله إلى ظاهر البدن، لجذب الحرارة الخارجة له إلى سطح البدن، واجتماعه فى نواحى الجلد. غير أنه لما استشرى أمر الطب الغربى، وصار مهيمنا على معظم الطرق العلاجية، وانتشرت شركات الأدوية اللاهثة وراء المال كالغول الكاسر، الذى يحطم كل ما يعترضه لتحقيق مآربه وغاياته، وأيدته أنظمة لا دينية شاركته فى الغاية والهدف، تقلصت هاتيك الممارسات التقليدية وتولت إلى الظل، اللهم إلا بقايا فى بعض البلاد العربية، كالسعودية وسوريا ودول الخليج العربى، وبلاد الصين وبعض بلاد شرق أسيا، وذلك كجزء من التراث الشعبى لهذه البلدان، وخاصةً الصين، فهى من أوثق الدول ارتباطاً بتراثها ومعارفها القديمة.

ظل الأمر كذلك، حتى بدت فى أفق الغرب الأوروبى، خاصةً ألمانيا وفرنسا، مظاهر الاعتراض على التطبيقات الطبية الحديثة، وتقلصت دائرة التقديس والحفاوة بها، سيما وقد أبدت عجزها عن علاج الكثير من الأدواء المستحدثة، مع تراكم الآثار الجانبية والسلبية للأدوية المركبة، فراحوا يبحثون عن النظم البديلة والمكملة، وعادت الممارسات التقليدية لتحتل جزءاً من تفكيرهم وتطبيقاتهم، فدخلت الحجامة على استحياءٍ تلك المجتمعات، وتربعت على عرش التطبيقات والممارسات البديلة والمكملة، بفضل جهود العلماء والأطباء العرب الغيورين على تطبيقات الطب النبوى.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير