عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((رأيتني دخلت الجنة فإذا أنا بالرميصاء امرأة أبي طلحة، وسمعت خشفة فقلت: من هذا؟ فقال: هذا بلال)) [9].
2 - حارثة بن سراقة رضي الله عنه:
عن أنس رضي الله عنه قال: أصيب حارثة يوم بدر وهو غلام فجاءت أمه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله: قد عرفت منزلة حارثة مني، فإن يكن في الجنة أصبر وأحتسب، وإن تكن الأخرى تر ما أصنع، فقال: ((ويحك أوَهبلتِ؟! أَوَجنة واحدة؟ إنها جنات كثيرة وإنه في جنة الفردوس)) [10].
المبحث الرابع: إثبات عدالتهم رضي الله عنه:
تعريف العدالة لغة واصطلاحاً:
العدالة لغة: قال ابن منظور: "رجل عدل بين العدل والعدالة: وصف بالمصدر معناه ذو عدل" [11].
وقال الفيروز آبادي: "العدل ضد الجور وما قام في النفوس أنه مستقيم كالعدالة والعدُولة والمِعدلة والمعدَلة" [12].
العدالة اصطلاحاً: أما تعريف العدالة في الاصطلاح فقد تنوعت فيها عبارات العلماء والمحدثين والأصوليين، وهي وإن تنوعت عباراتها إلا أنها ترجع إلى معنى واحد، وهو: أن العدالة ملكة في النفس تحمل صاحبها على ملازمة التقوى والمروءة، ولا تتحقق إلا بالإسلام والبلوغ والعقل والسلامة من الفسق.
دلالة القرآن على لعدالة الصحابة:
1 - قوله تعالى: {وَكَذ?لِكَ جَعَلْنَـ?كُمْ أُمَّةً وَسَطًا لّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى ?لنَّاسِ وَيَكُونَ ?لرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة:143]، ووجه الاستدلال بهذه الآية على عدالة الصحابة رضي الله عنهم أن وسطاً بمعنى (عدولاً خياراً) [13] ولأنهم المخاطبون بهذه الآية مباشرة.
2 - قوله تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِ?لْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ ?لْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِ?للَّهِ}.
3 - قوله تعالى: {وَ?لسَّـ?بِقُونَ ?لأوَّلُونَ مِنَ ?لْمُهَـ?جِرِينَ وَ?لأنْصَـ?رِ وَ?لَّذِينَ ?تَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِىَ ?للَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّـ?تٍ تَجْرِي تَحْتَهَا ?لأنْهَـ?رُ خَـ?لِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذ?لِكَ ?لْفَوْزُ ?لْعَظِيمُ} [التوبة:100].
4 - قوله تعالى: {لَّقَدْ رَضِيَ ?للَّهُ عَنِ ?لْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ ?لشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِى قُلُوبِهِمْ فَأنزَلَ ?لسَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَـ?بَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً} [الفتح:18].
5 - قوله تعالى: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ ?للَّهِ وَ?لَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى ?لْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مّنَ ?للَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَـ?هُمْ فِى وُجُوهِهِمْ مّنْ أَثَرِ ?لسُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِى ?لتَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِى ?لإنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَ?سْتَغْلَظَ فَ?سْتَوَى? عَلَى? سُوقِهِ يُعْجِبُ ?لزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ ?لْكُفَّارَ وَعَدَ ?للَّهُ ?لَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ ?لصَّـ?لِحَـ?تِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} [الفتح:29].
قال القرطبي: "فالصحابة كلهم عدول أولياء الله تعالى وأصفياؤه وخيرته من خلقه بعد أنبيائه ورسله، هذا مذهب أهل السنة والذي عليه الجماعة من أئمة هذه الأمة، وقد ذهبت شرذمة لا مبالاة بهم إلى أن حال الصحابة كحال غيرهم، فيلزم البحث عن عدالتهم، ومنهم من فرّق بين حالهم في بداءة الأمر فقال: إنهم كانوا على العدالة إذ ذاك ثم تغيرت بهم الأحوال فظهرت فيهم الحروب وسفك الدماء، فلا بد من البحث، وهذا مردود، فإن خيار الصحابة وفضلاءهم كعلي وطلحة والزبير وغيرهم رضي الله عنهم ممن أثنى الله عليهم وزكاهم ورضي عنهم وأرضاهم ووعدهم الجنة بقوله: {مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} وخاصة العشرة المقطوع لهم بالجنة بإخبار الرسول هم القدوة مع علمهم بكثير من الفتن والأمور الجارية عليهم بعد نبيهم بإخباره لهم بذلك، وذلك غير مسقط من مرتبتهم وفضلهم إذ كانت تلك المرور مبنية على الاجتهاد" [14].
أما دلالة السنة على تعديلهم رضي الله عنه:
عن أبي بكرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ألا ليبلغ الشاهد منكم الغائب)) [15].
¥