تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد كان الإمام الأعمش رحمه الله يطرد الطلبة من بابه أحيانا وكان لا يمكنهم من أن يأخذوا ما يريدون، ومع ذلك كانوا يذهبون اليه، (لان المحب يديم طرق الباب).

فهذا الذي يطلب الحديث فيمنع فهو بين أمرين، (اما أن يديم الطلب) (اما ان يتولى ويعرض) ولذلك قال بعض العلماء من دوام قرع الباب ولج، فكلما أكثرت من طرق الباب كلما فتح لك0

فهذا العلم صعب جدا ولا يعرف هذه الحقيقة إلا المتمرسون، فأي علم يمكن الإنسان أن يحيط بأطرافه إلا علم الحديث!!!

لان علم الحديث قوامه على الأسانيد، والأسانيد تحط بمصنفات بعينها، بل هناك الألوف المؤلفة من المصنفات المليئة بالاسانيد0

فهل يستطيع رجل في الدنيا ان يحصل جميع الكتب والأجزاء ألحديثيه المسندة مهما أوتى من القوة والجهد بالعلم والمال؟

ما يستطيع أبدا لذلك يظل هذا الرجل دائما مدينا بتقصيره، وكم من أحاديث قال عنها العلماء المتقدمون الذين يحفظون ألف قالوا تفرد بها فلان، فياتى المتأخر الذي لا يزن وزن هذا الرجل في الحفظ ولا في التثبت ولا في الرحلة فياتى ويستدرك عليه، ويبين انه لم يتفرد به، بل تابعه فلان وفلان وفلان، لان هذا العلم واسع جدا والتعقب في هذا العلم سهل للغاية 0

فمثلا أنا قرأت للحافظ بن حجر مره في حديث لقتادة عن انس في صحيح مسلم- قال أنا لم أره إلا من رواية قتادة عن انس (بالعنعنة)

مع انه في صحيح مسلم قال قتادة حدثني أنس فمع ان صحيح مسلم قرأ أكثر من مره إلا انه يفوت على الإنسان

0

فهذا العلم علم ضخم جدا ولابد للإنسان القادم عليه ان يعلم ذلك، ولذلك كان العلماء ينبهون الطلبة ويخوفونهم من الإقدام على مثل هذه العلوم الكبيرة والمتشعبة حتى يشحن طالب العلم همته لذلك0

فلو تصور طالب العلم مثلا ان هناك جبل شامخ وفيه رمال، ومعلوم أن الإقدام تغوص في الرمال، حينئذ يشحذ همته وقوته وهو صاعد، لكن لو هناك رجل آخر ولا يعلم هذه الحقيقة وأراد الصعود، فهذا الرجل لا يستطيع ان يمشى مترا واحد إلا وسرعان ما يقع مع انه قد يكون عنده قوة أكثر من الذي مضى عليه سريعا لكنه لم يكن عنده خبر أن هذه رمال تغوص فيها الاقدام0

ولذلك لما جاء رجل إلى الفراء وقال له اشرح لي كتاب سيبويه (عمر بن عثمان) وهذا أمام نحوى مات وعمره اثنين وثلاثين سنه، ومع ذلك كتب كتابا في النحو اسمه الكتاب مازال العلماء حتى ألان لا يفهمون بعض عباراته المغلقه0

فجاء رجل إلى الفراء وقال أريد أن إقراء عليك كتاب سيبويه هذا فقال له بنى هل ركبت البحر؟

والبحر يعنى الهلاك، يعنى لوقرات قصة صديق حسن خان رحمه الله وهو خارج للحج بالمراكب وكانت بالشراع ظل ثمانية اشهر لان الريح كانت تقوم بإرجاعهم المسافة التي يقطعونها0

فالبحر عند العرب يعنى الرعب، فكان ر كوب البحر رعب، لا يركبه إلا أناس لهم قلوب من حديد، فيقول له بنى هل ركبت البحر؟ يشير بذلك إلى عظم الكتاب، وأننا ليدخله فيه سوف نغرق0

فإذا علمت وأنت تريد دراسة هذا العلم انه بهذه الخطورة، وهذا العلو، إذن لابد أن تشحذ همتك وقوتك، ويكون من بركات شحذ الهمة الإقبال عليه، فإذا ما أقبلت عليه بكليتك أعطاك وبذل لك نفسه، كما يقول بعض العلماء إن العلم لا يعطيك بعضه حتى تعطيه كلك، وبالأخص علم الحديث0

لذلك ونحن ندرس هذا العلم المتكتل في كتاب الإمام الذهبي رحمه الله الموقظة لا نستطيع بطبيعة الحال أن ناتى عليه كله، ولذلك سنذكر عدة أمثله لان الجانب العملي هو الذي يشعرك بلذة هذا العلم وحلاوته0

فمن الخطأ أن تأتى لطالب الحديث فتمرنه وهو لم يستوي بعد، ولم تظهر له علامة استواء فمن الخطأ أن تجرئه على العلماء لاسيما إذا انتقيت بعض الأحاديث التي وهن فيها العلماء0فمن المعروف عند العلماء ان دارس اى علم إذا أراد ان يفلح فيه لابد أن يبدأ بالمتفق عليه ثم يؤخر المختلف فيه، لأنه ليزال غض طرى ليس له قوة يدخل بها في وسط هؤلاء الكبار، لا يستطيع أن يناطح، لذلك إذا أدخلته في أول الطريق معه هؤلاء يضيع إذن لاينبغى للإنسان أن يدخل على الأمور المختلف فيها أولا لأنه ليس عنده ملكه يميز بها الأقوال وكيف يرجح قولا من هذه الأقوال وهو ليس عند الملكة على ذلك فهذا يكون مثل العامي إذا سال أكثر من مفتى عن سؤال واحد، ولذلك يقول العلماء لا يجوز للعامي ان يعدد السؤال على أكثر من مفتى إلا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير