ـ[الاستاذ]ــــــــ[28 - 09 - 05, 06:25 م]ـ
النظرية النقدية والبلاغية في كتاب "منهاج البلغاء" للقرطاجني
بحث مقدم لنيل الإجازة العالية (الليسانس) إعداد الطالب:
فخر الدين بن شاكر سماعيلوفيتش
تحت إشراف:
الأستاذ الدكتور محمد فايد هيكل
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين. الرحمن الرحيم. مالك يوم الدين. إياك نعبد وإياك نستعين. اهدنا الصراط المستقيم. صراط الذين أنعمت عليهم. غير المغضوب عليهم ولا الضالين.
آمينْ.
لو أراد إنسان حصر جهود علماء المسلمين في سبيل العناية بقواعد اللغة العربية وفنونها لعجز عن ذلك مهما حاول. فقد مثّل القرآن الكريم حافزا لا مثيل له في اللغات الأخرى حيث حمل أفراد الأمة الإسلامية على المحافظة بهذه اللغة وكل ما يتعلق بها. والكتاب الذي هو موضوع بحثنا ليس إلا واحد من الأمثلة على جهود جهابذة هذه الأمة في سبيل العناية باللغة العربية.
فالنقد الأدبي بتعمقه في خفايا اللغة يبرز لنا مواطن ضعف أساليب الشعراء والكتاب، وبذلك يرفع ويميز الأسلوب الإلهي القرآني عن أساليب البشر ويبيّن عجزهم عن الإتيان بشيء يشبه هذا الكتاب المعظّم. فإنهم لم ينجحوا ولن ينجحوا في الإتيان بمثله مهما اجتهدوا في سبيل ذلك. وكل هذه الأمور يجلي لنا أهمية دراسة النقد الأدبي والتعمق في مسائله وتدبّر آراء النقاد والبلاغيين، الذين يعد صاحب "منهاج البلغاء" – حازم القرطاجني – من أبرزهم. والأمر الذي يزيد أهمية دراسة مسائل "المنهاج" في هذا العصر هو أنه بقي شبه مجهول في أوساط المباحثات النقدية، ولم يعط حقه من الاهتمام في مجال البلاغة. وسنبين سبب ذلك وأثره في أثناء تناولنا لمسائل الكتاب.
وفي هجرة حازم من الأندلس وسقوط تلك البلاد في أيدي النصارى ما يذكرنا بما يحدث في هذا العصر في تلك القارة نفسها. فقد واصل النصارى انتزاع الأراضي من المسلمين في أوربا وتهجيرهم من بيوتهم، ومن ثم طمس الآثار الإسلامية في أي مكان احتلوه. فلم يختلف منهجهم في ذلك منذ عصر حازم القرطاجني حتى الآن، حيث إن الوضع في أوربا الشرقية الآن شبيه بالوضع في الأندلس إبان سقوطها تماما، فلم يبق للمسلمين هناك سوى تذكر أمجادهم القديمة وقصورهم الماضية التي يسودها الآن غيرهم. وهجرة حازم لها أثرها في بناء نفسيته الشاعر، كما أثر ذلك على شخصيته العلمية. وكان مما ساعدني على أدراك آلامه وأحزانه أن قومي الآن يعيش في أوربا أيام الأندلس نفسها، حيث إننا نشاهد بأعيننا سقوط مدن المسلمين في براثن الأعداء وإجلاءها من سكانها بتهجيرهم إلى بلدان العالم المتفرقة، ونسأل الله العافية.
وعنوان بحثي هذا هو "النظرية النقدية والبلاغية في كتاب منهاج البلغاء للقرطاجني". وحرصت فيه على ذكر أهم مسائل هذا الكتاب، ولا سيما التي اختص بها حازم في نقده، مع دراسة تلك المسائل وذكر الآراء المشابهة لها (إن وجدت) كآراء فلاسفة اليونان، أو بعض نقاد العرب. وكان المفروض أن أميّز بين النظريات النقدية والنظريات البلاغية، إلا أنني وجد ذلك متعذرا علي لعدة أمور:
أن النقد لم يفصل فصلاً واضحا في عصر المؤلف عن البلاغة.
أن ما نسميه اليوم بالقضايا النقدية قد اشتمل على مسائل البلاغية والعكس، فقد رأينا حازما يعتمد على أصول وقواعد فنية بلاغية في بعض المباحث النقدية.
أن هذه القضايا لم تفصل في عنوان الكتاب كذلك، حيث قيل فيه: القضية النقدية والبلاغية، ولم يقل: القضية النقدية والقضية البلاغية.
وقد قسمت بحثي، بعد المقدمة، إلى التمهيد والبابين. وتناولت في التمهيد الحالة السياسية والثقافية في عصر المؤلف؛ وفي الباب الأول حياة حازم وكتابه، ثم انتقلت إلى الباب الثاني ودراسة بعض القضايا النقدية والبلاغية في كتاب حازم. وقسمت هذا الباب على تسعة فصول تتحدث عن أهم قضايا نقدية في "منهاج البلغاء" وتحدثت في الخاتمة عن انفراد حازم والفرق بينه وبين الاتجاه المشرقي في النقد.
¥