تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وبعد، فإني أحمد الله أن يسر لي دراسة العلوم الإسلامية والعربية، ثم أشكر والديّ اللذين آثرا على نفسيهما بإرسال ابنهما إلى هذه البلاد البعيدة لطلب العلم ولم يغلبهم في ذلك الشفقة الأبوية، كما أشكر كل من ساعدني في سبيل طلب العلم من القائمين على هذه الجامعة المباركة، وأشكر مشرفي الأستاذ الدكتور محمد فايد هيكل الذي كانت توجيهاته وإرشاداته خير معين لي في أثناء هذا البحث.

التمهيد

الحالة السياسة والثقافية في عصر حازم القرطاجني

1= الوضع السياسي والثقافي بالأندلس في أول القرن السابع/الثالث عشر

كان لسنة 609/ 1212 أثرها الكبير في تاريخ الأندلس، حيث تحول الوضع في جنوبي الجزيرة الإيبيرية تحولا كاملا، فأصبح النصارى متحدين بعد انقسامهم، متعاونين بعد تخاذلهم، وكان كل من قوادهم يساهم في مطاردة المسلمين وإخراجهم من الجزيرة، راجين بذلك إعادة سيادتهم وحكمهم على تلك البلاد.

وكانت معركة عقاب (سنة 609/ 1212) قاضية على حكم بني عبد المؤمن من الموحدين على الأندلس والمغرب جميعا، ومما زاد سلطتهم فسادا وانهيارا عدم تعاون أشياخ الموحدين في أمور السلطة وإدارة شؤون الدولة. وظهرت هناك فتن كثيرة كانت سببا في انقسام البلاد. وخرج محمد بن هود عن الموحدين سنة 625/ 1229، وزاد ذلك الدولة ضعفا وإرهاقا. واجتاحت مرسية الفتن والثورات، وسانده في ذلك العباسيون ولقب بالمتوكل، واستطاع أن يمد نفوذه على جبان وقرطبة والمرية وباجة وغرناطة في حدود ثلاث سنوات. وحاول بمفرده أن يقف في وجه الصليبيين بقيادة فردناند الثالث، فحرص على فرض سلطته على الساحل كله وعلى الولايات الجنوبية الواقعة بين الجزيرة والمرية من جهة، وبين قرطبة وغرناطة من جهة أخرى. ولم يسانده في هذه المهمة أي من ملوك وأمراء المسلمين في الجزيرة فعارضه خصمه ابن الأحمر ملك غرناطة، ووقف في وجهه بعض الأمراء الموحدين المقيمين إلى ذلك العهد بجنوبي أسبانيا. وتوّج كل ذلك بالفتن والحروب الداخلية التي كانت فرصة سانحة لملك أسبانيا فردناند الثالث للاستيلاء على كثير من القواعد والمدن، وبالخصوص على قرطبة سنة 663/ 1236.

وقد أصابت هذه التغييرات المؤلمة الحياة الفكرية في الأندلس، وسببت في هجرة كثير من الأسر العلمية الأدبية على الهجرة. وكان هؤلاء العلماء يقيمون إما بالمغرب بمرّاكش أو بإفريقية، وإما بالمشرق بسوريا أو بمصر أو بالحجاز، وكانت هذه الهجرة بلا شك سببا من أسباب انقراض الحياة الفكرية الإسلامية هناك. وقد تم هذا تدريجيا، مع أننا لاحظنا بعض التجمعات العلمية في مراكز كثيرة في جنوبي البلاد.

2 - المغرب الأقصى في العهد الموحدي بين سنة 633/ 1236 وسنة 638/ 1242

كانت الحالة في المغرب الأقصى في هذه الفترة مضطربة جدا، لما كان ينتاب تلك البلاد من حوادث وفتن، سببت في الفوضى والفزع. وكانت الحياة بمراكش - مكان استقرار حازم - مضطربة أي اضطراب، حيث كانت تهزها فتن مستمرة وحوادث متصلة، فالسلطة الموحدية كانت على وشك الانهيار، ولم يستطع الخليفة الشاب الرشيد أن يجد استقرارا ولا أمنا بالرغم مما بذله من جهود لتدارك الأمر. فإنه عفا عن كثير من الموحدين، وأعاد ما أزاله المأمون والده من رسوم المهدي بن تومرت وسنته سنة 632/ 1234 في بدء ولايته. ولكن كل ذلك لم يمنع خصومه من مشاغبته ومقاومته؛ وبعد فتن داخلية التي أتيحت لأعداء الرشيد الاستيلاء على مراكش، قاعدة الخلافة الموحدية. واستطاع الرشيد قمع هذه الفتنة والرجوع إلى العاصمة سنة 633/ 1236، وتفرق بعد ذلك أعداؤه. ولم يكن ذلك دليلا على حل الأزمة في المغرب الأقصى، فقد أدت هجمات العناصر البربرية الأخرى إلى سقوط الدولة الموحدية وقيام الدولة المرينية مكانها. وقد ساعد على هذا أحداث كثيرة، منها استقلال أمير تلمسان، وتأسيسه مملكة مستقلة في حدود سنة 1235 - 1236، هي مملكة عبد الوادي. وانفصل عن الموحدين بإفريقية الوالي الحفصي معلنا بذلك استقلاله. وظهرت مناوأته للمأمون ولابن الرشيد من بعده، حيث زحف على قسنطينة وبجاية وأخضعهما لطاعته. واستطاع أبو زكريا الأول أن يضم تحت سلطته بلاد إفريقية، وسمي ذلك بالبلاد الحفصية فيما بعد. وسببت نزعتهم التوسعية القلق المستمر للخلفاء الموحدين.

3 - الحالة السياسية بإفريقية لعهد أبي زكرياء الأول وابنه المستنصر

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير