ـ عن عرفجة قال: كنت في بيت فيه عتبة بن فرقد فأردت أن أحدث بحديث، وكان رجل من أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كأنه أولى بالحديث مني، فحدث الرجل عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: في رمضان تفتح فيه أبواب السماء، وتغلق فيه أبواب النار، ويصفد فيه كل شيطان مريد، وينادي مناد كل ليلة: يا طالب الخير هلم ويا طالب الشر أمسك "
رمضان خير الشهور فأعدوا له العدة
ـ عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: أظلكم شهركم هذا بمحلوف رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ما مر بالمسلمين شهر قط خير لهم منه، وما مر بالمنافقين شهر قط أشر لهم منه، بمحلوف ـ رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ إن الله ليكتب أجره ونوافله ويكتب إصره وشقاءه من قبل أن يدخله، وذاك لأن المؤمن يعد فيه القوة من النفقة للعبادة، ويعد فيه المنافق ابتغاء غفلات المؤمنين وعوراتهم، فهو غنم للمؤمن يغتنمه الفاجر "
فحال عباد الله الصالحين أن يعدوا ما يعينهم على التعبد في شهر رمضان قبل دخوله، كما كان الصحابة يفعلون، حتى كان يقع في نفوسهم، وتلهج به ألسنتهم فيدعون الله ببلوغه قبله بستة أشهر، وهذا دليل على قيامه في النفس، مع معرفة كاملة بقدره، وشوق بالغ لإدراك فضله.
فأين هؤلاء من قوم لا ينشغلون بقدومه أو إدباره، بل أين هم ممن يكره إقباله ويفرح بإدباره.
" أنشد بعض الفاسدين المفسدين:
إذا العشرون من شعبان ولت فواصل شرب ليلك بالنهار
و لا تشرب بأقداح صغار فإن الوقت ضاق على الصغار
و قال آخر:
جاء شعبان منذراً بالصيام فاسقياني راحاً بماء الغمام
و من كانت هذه حاله فالبهائم أعقل منه، و له نصيب من قوله تعالى: و لقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن و الإنس لهم قلوب لا يفقهون بها الآية، و ربما كره كثير منهم صيام رمضان حتى إن بعض السفهاء من الشعراء كان يسبه
ـ كان للرشيد ابن سفيه فقال مرة:
دعاني شهر الصوم لا كان من شهر و لا صمت شهراً بعده آخر الدهر
فلو كان يعديني الأنام بقدرة على الشهر لاستعديت جهدي على الشهر
فأخذه داء الصرع فكان يصرع في كل يوم مرات متعددة، و مات قبل أن يدركه رمضان آخر
رمضان شهر مبارك
ـ عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: لما حضر رمضان قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: " قد جاءكم رمضان شهر مبارك، افترض الله عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب الجنة، ويغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم "
رمضان سيد الشهور
ـ عن هبيرة بن يريم، عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال: " الصيام جنة الرجل كجنة أحدكم في البأس، وسيد الأيام يوم الجمعة، وسيد الشهور شهر رمضان، واعتبروا الناس بالأخدان فإن الرجل لا يخادن إلا من رضي نحوه أو حاله "
يكمل الأجر وإن نقص الشهر
ـ عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: " شهران لا ينقصان شهرا عيد رمضان وذو الحجة "
قال النووي: " الأصح أن معناه لا ينقص أجرهما والثواب المرتب عليهما وإن نقص عددهما، وقيل: معناه لا ينقصان جميعا في سنة واحدة غالبا، وقيل: لا ينقص ثواب ذي الحجة عن ثواب رمضان لأن فيه المناسك حكاه الخطابي وهو ضعيف، والأول هو الصواب المعتمد، ومعناه: أن قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (من صام رمضان ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) وقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (من قام رمضان ايمانا واحتسابا) وغير ذلك، فكل هذه الفضائل تحصل سواء تم عدد رمضان أم نقص والله أعلم "
الجود في رمضان
الجود: هو سعة العطاء و كثرته و الله تعالى يوصف بالجود.
ـ عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: " كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل ـ عليه السلام ـ يلقاه كل ليلة في رمضان حتى ينسلخ، يعرض عليه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ القرآن، فإذا لقيه جبريل ـ عليه السلام ـ كان أجود بالخير من الريح المرسلة "
¥