ورواه عبد الرزاق في كتابه عن معمر عن أيوب عن نافع عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: (جاء رجل إلى رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ فقال: يا رسول الله إني رأيت في النوم ليلة القدر كأنها ليلة سابعة فقال رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ: إني أرى رؤياكم قد تواطأت، إنها ليلة سابعة فمن كان متحريها منكم فليتحرها في ليلة سابعة)
قال معمر: فكان أيوب يغتسل في ليلة ثلاث و عشرين يشير إلى أنه حملها على سابعة تبقى.
و خرجه الثعلبي في تفسيره من طريق الحسن بن عبد الأعلى عن عبد الرزاق بهذا الإسناد و قال في حديثه: (ليلة سابعة تبقى). فقال رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ: (إني أرى رؤياكم قد تواطأت على ثلاث و عشرين فمن كان منكم يريد أن يقوم من الشهر شيئاً فليقم ليلة ثلاث و عشرين)، و هذه الألفاظ غير محفوظة في الحديث، و الله أعلم.
و في سنن أبي داود بإسناد رجاله كلهم رجال الصحيح عن معاوية عن النبي صلى الله عليه و سلم في ليلة القدر: (ليلة سبع و عشرين)، و خرجه ابن حبان في صحيحه و صححه ابن عبد البر و له علة، و هي وقفه على معاوية و هو أصح عند الإمام أحمد و الدارقطني و قد اختلف أيضاً عليه في لفظه.
و في المسند عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ أن رجلاً أتى النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ فقال: متى ليلة القدر؟ فقال: (من يذكر منكم ليلة الصهباوات. قال عبد الله: أنا بأبي أنت و أمي و إن في يدي لتمرات أتسحر بهن مستتراً بمؤخرة رحل من الفجر و ذلك حين طلع القمر)
و خرجه يعقوب بن شيبة في مسنده و زاد: (و ذلك ليلة سبع و عشرين)، و قال: صالح الإسناد.و الصهباوات: موضع بقرب خيبر.
و في المسند أيضاً من وجه آخر عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (إن ليلة القدر في النصف من السبع الأواخر من رمضان) و إذا حسبنا أول السبع الأواخر ليلة أربع و عشرين كانت ليلة سبع و عشرين نصف السبع، لأن قبلها ثلاث ليال و بعدها ثلاث.
و مما يرجح أن ليلة القدر ليلة سبع و عشرين: أنها من السبع الأواخر التي أمر النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ بالتماسها فيها بالاتفاق. و في دخول الثالثة و العشرين في السبع اختلاف سبق ذكره، و لا خلاف أنها آكد من الخامس و العشرين.
و مما يدل على ذلك أيضاً حديث أبي ذر ـ رضي الله عنه ـ في قيام النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بهم في أفراد السبع الأواخر و أنه قام بهم في الثالثة و العشرين إلى ثلث الليل، و في الخامسة إلى نصف الليل، و في السابعة إلى آخر الليل حتى خشوا أن يفوتهم الفلاح، و جمع أهله ليلتئذ وجمع الناس، و هذا كله يدل على تأكدها على سائر أفراد السبع و العشر.
و مما يدل على ذلك ما استشهد به ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ بحضرة عمر ـ رضي الله عنه ـ و الصحابة معه واستحسنه عمر ـ رضي الله عنه ـ، و قد روي من وجوه متعددة: فروى عبد الرزاق في كتابه عن معمر عن قتادة و عاصم أنهما سمعا عكرمة يقول: (قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ دعا عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ أصحاب محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ فسألهم عن ليلة القدر فأجمعوا أنها في العشر الأواخر. قال ابن عباس: (فقلت لعمر ـ رضي الله عنه ـ: (إني لأعلم أو إني لأظن أي ليلة هي؟ قال عمر ـ رضي الله عنه ـ: و أي ليلة هي؟: قلت: سابعة تمضي أو سابعة تبقى من العشر الأواخر، فقال عمر رضي الله عنه: و من أين علمت ذلك؟ قال: فقلت: إن الله خلق سبع سموات و سبع أرضين و سبعة أيام، وإن الدهر يدور على سبع، و خلق الله الإنسان في سبع، و يأكل من سبع، و يسجد على سبع، و الطواف بالبيت سبع، و رمي الجمار سبع لا يشاء ذكرها، فقال عمر رضي الله عنه: لقد فطنت لأمر ما فطنا له)
وكان قتادة يزيد على ابن عباس في قوله: (يأكل من سبع قال هو قول الله ـ عز وجل ـ: (فأنبتنا فيها حباً * وعنباً وقضباً * و زيتوناً ونخلا * وحدائق غلبا * وفاكهة ً وأباً) و لكن في هذه الرواية: أنها في سبع تمضي أو تبقى بالترديد في ذلك.
¥