تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وفي قوله تعالى "فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمّ خُلِقَ"؛ قال الطبري: "يقول تعالى ذكره فلينظر الإنسان المكذب بالبعث بعد الممات المنكر قدرة الله على إحيائه بعد مماته, "مِمّ خُلِقَ" يقول من أي شيء خلقه ربه" (27)، وقال البغوي: أي فليتفكر من أي شيء خلقه ربه أي فلينظر نظر المتفكر" (28)، وقال ابن القيم: "لقد دعا سبحانه الإنسان إلى النظر في مبدأ خلقه .. فقال تعالى: "فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمّ خُلِقَ. خُلِقَ مِن مّآءٍ دَافِقٍ. يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصّلْبِ وَالتّرَآئِبِ" , وقال "يَأَيّهَا النّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مّنَ الْبَعْثِ فَإِنّا خَلَقْنَاكُمْ مّن تُرَابٍ ثُمّ مِن نّطْفَةٍ ثُمّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمّ مِن مّضْغَةٍ مّخَلّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلّقَةٍ لّنُبَيّنَ لَكُمْ وَنُقِرّ فِي الأرْحَامِ مَا نَشَآءُ إِلَىَ أَجَلٍ مّسَمّى ثُمّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمّ لِتَبْلُغُوَاْ أَشُدّكُمْ وَمِنكُمْ مّن يُتَوَفّىَ وَمِنكُمْ مّن يُرَدّ إِلَىَ أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلاَ يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً" [الحج: 5] , وقال: "وَفِي الأرْضِ آيَاتٌ لّلْمُوقِنِينَ. وَفِيَ أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ" [الذاريات: 20و21] , وهذا في القرآن كثير لمن تدبره وعقله وهو شاهد منك عليك فمن أين للطبيعة .. هذا الخلق والإتقان والإبداع" (29)، وقال أيضاً: "نبه سبحانه الإنسان على دليل المعاد بما يشاهده من حال مبدئه على طريقة القرآن في الاستدلال على المعاد بالمبدأ فقال "فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمّ خُلِقَ" , أي فلينظر نظر الفكر والاستدلال ليعلم أن الذي ابتدأ أول خلقه .. قادر على إعادته" (30).

وقال ابن كثير: "قوله تعالى: "فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمّ خُلِقَ" تنبيه للإنسان على ضعف أصله الذي خلق منه وإرشاد له إلى الاعتراف بالمعاد لأن من قدر على البداءة فهو قادر على الإعادة بطريق الأولى كما قال تعالى: "وَهُوَ الّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ" [الروم: 27] (31)، وقال أيضاً: "قال تعالى مقررا لوقوع المعاد والعذاب بهم الذين أنكروا كونه واستبعدوا وجوده مستدلا عليهم بالبداءة التي الإعادة أهون منها وهم معترفون بها فقال تعالى: "إِنّا خَلَقْنَاهُم مّمّا يَعْلَمُونَ" [المعارج: 39] , أي من المني الضعيف كما قال تعالى: "أَلَمْ نَخْلُقكّم مّن مّآءٍ مّهِينٍ" [المرسلات:20] , وقال: "فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمّ خُلِقَ. خُلِقَ مِن مّآءٍ دَافِقٍ. يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصّلْبِ وَالتّرَآئِبِ. إِنّهُ عَلَىَ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ" وتقدير الكلام ليس الأمر كما يزعمون أن لا معاد ولا حساب ولا بعث ولا نشور بل كل ذلك واقع وكائن لا محالة .. , ولهذا قال تعالى: "لَخَلْقُ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النّاسِ وَلََكِنّ أَكْثَرَ النّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ" [غافر:57] , وقال تعالى: "أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنّ اللّهَ الّذِي خَلَقَ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنّ بِقَادِرٍ عَلَىَ أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَىَ" [الأحقاف: 33] , وقال تعالى: "أَوَلَيْسَ الَذِي خَلَقَ السّمَاواتِ وَالأرْضَ بِقَادِرٍ عَلَىَ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَىَ وَهُوَ الْخَلاّقُ الْعَلِيمُ. إِنّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ" [يس: 81و82] , وقال: "فَلاَ أُقْسِمُ بِرَبّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنّا لَقَادِرُونَ. عَلَىَ أَن نّبَدّلَ خَيْراً مّنْهُمْ" [المعارج: 40و41] , أي يوم القيامة نعيدهم" (32).

وقال الشوكاني: "قوله: "فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمّ خُلِقَ" يوجب على الإنسان أن يتفكر في مبتدأ خلقه ليعلم قدره الله على ما هو دون ذلك من البعث, قال مقاتل يعني المكذب بالبعث, "مِمّ خُلِقَ" من أي شيء خلقه الله, والمعنى فلينظر نظر التفكر والاستدلال حتى يعرف أن الذي ابتدأه من نطفة قادر على إعادته" (33)، وقال الثعالبي: "قوله تعالى: "فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمّ خُلِقَ" توقيف لمنكري البعث على أصل الخلقة الدال على أن البعث جائز ممكن ثم بادر اللفظ إلى الجواب اقتضاباً وإسراعاً إلى إقامة الحجة فقال: "خُلِقَ مِن مّآءٍ دَافِقٍ. يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصّلْبِ وَالتّرَآئِبِ" (34)، فكما ترى يتعلق الحديث

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير