واكاد اقول بان مشروع تيزيني في هذا المجال اوسع من مشروع الجابري لانه كتبه لو صح التعبير على نار هادئة انضجت سمومه في تؤدة وعدم عجلة (اخرج به اسطورة غاية في البطلان عن النبي محمد واشتراكه في تنظيم سري!!!) في حين ان الجابري كان يسابق الزمن في اخراج نقده اللاهوتي الباهت لاثبات انه قادر على تقديم ولو دفعة اولى من سلسلة نقده اللاهوتي فاذا بنقده يبدو استشراقيا بحق-كما في مدخل الى القرآن- مع وروده في اطار وشكل سلفي مبطن باتهامات -ولو انها قليلة- لم يخرج طرحه عن موضوع التأثيرات والمقارنات الفاشلة التي فضحها الدكتور عبد الرحمن بدوي في كتابيه في الدفاع عن محمد-رسول الله-- والقرآن، وهي المقارنات الاستشراقية المعروفة التي اقاموها بالتزوير بين القرآن واليهودية والتلمود، والمسيحية والقرآن فجاء الجابري ووسع المجال بامثلته القليلة المتسللة والتي تكاد تكون مدسوسة-منه طبعا- بلطف ودقة مكر في تفسيره (ال3 اجزاء) فقال بتأثير اليونانية على القرآن وصنع مقارنات غاية في التلفيق والبهت، وان كان طيب تيزيني قال بهذا التأثير قبله وايضا فعله تيزيني تبعا لبعض المستشرقين المحدثين
نعم، لم يفعل الجابري شيئا جديدا ليجعل القرآن "معاصرا لنا" (بحسب وصفه لا وصفنا طبعا) اي بوضعه تحت محك العلوم الفلسفية المادية التاريخية المعاصرة، انما الامر هو كما يقول القائل تمخض الجبل فولد فأرا وبمقارنة عمله هذا الذي تشربت مقدمته" مدخل الى القرآن" بروح الاستشراق وصور اتهامات الاستشراق المكرورة، بمقارنة عمله هذا بعمل اركون نجد ان اركون تقدم في عملية النقد بجملة من الادوات المعاصرة العلمانية الواضحة والمحددة والتي عددها وهو يقوم بتحليل سورا وآيات قرآنية وافنى سنوات عمره في هذا النقد وإن جاء نقده كما وعد الله بدا متهافتا وهو لايعدو ان يكون عداوة فم متخرص متحرق لايستطيع ان يطفئ نور السموات والارض بجهل الكلمات وجهالة الافواه المرهقة
ولذلك قلت ان الجابري استعجل نقده للقرآن تحت وطئة وسوسة جورج طرابيشي فقد دفعته قوة نقد طرابيشي الى محاولة اثبات ذات تفتتت -وصارت هباء منثورا-تحت معاول نقد علمانية طرابيشية ونيران صديقة (نصرانية المنبت، ماركسية المشرب، فريودية المنتهى المخرج!) فلقى حتفه وهو يحاول اثبات ذاته امام جورج (النصراني، الماركسي سابقا والفرويدي حاليا)! وصدق فيهم قول الحق القيوم " وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بماكانوا يكسبون"
صحيح ان الجابري حاول التلاعب بترتيب النزول ولكن اين المعاصرة العلمانية في ذلك إن كان نولدكه وغيره قد قاموا بذلك ايضا!!!، وايضا فالجابري مقلد لهم، والذي فعله هو انه حاول القيام بذلك تحت الحاح وسوسة التفسير المادي والتاريخي الذي حاول به وبصورة متسرعة اشد ضعفا من غيره، ارجاع سبب التسميات القرآنية والافعال الرسولية والكلمات الربانية الموحية الى احتياجات وصراعات واوضاع وتطورات (ارضية مادية)!، وهذا هو هدفه الاكبر (معاصرة النص لنا!!؟؟) مع موضوع المقارنات الملفوفة!
انها نفس الفكرة المكرورة التي لاكها طيب تيزيني ثم نصر ابو زيد وكثير ممن عاصرهما من الاشباه والنظائر المعتمة.
ـ[طارق منينة]ــــــــ[01 Dec 2010, 06:14 ص]ـ
وبمناسبة تواجدنا هنا في ملتقي اهل التفسير اقول ان الجابري حاول استخدام قواعد التفسير كلافتة يدلف من تحتها الى غرضه مع انها لاتعينه!، مثل استخدامه مفهوم ان القرآن يفسر بعضه بعضا.
على ان يمكن القول انه نقد قواعد وعلماء وخصوصا علماء التفسير بنزق واضح وهو يدل على عدم حنكته كعلماني فغيره من العلمانيين لايثير اعصابك في مقدمة كلامه! ليتسلل بافكاره اليك! اما الجابري فقد جعلك تتحفز وتنتبه وانت تقرأ مقدمة مدخل الى القرآن.
ـ[حاتم القرشي]ــــــــ[01 Dec 2010, 04:33 م]ـ
أشكر للأخ العزيز طارق هذا الإثراء والحرص عن كشف عوار العلمانيين وغيرهم، بارك الله في قلمك وجهدك وجعلك من أوليائه الذي يذبون عن دينه الحنيف.
وليتك تتحفنا في موضوع مستقل بتعريف عن هذا المشروع:
طيب تيزيني قد قال (في مشروعه الضخم المعروف المسمى" مشروع رؤية جديدة للفكر العربي من بداياته (12 مجلد) "
ـ[طارق منينة]ــــــــ[02 Dec 2010, 08:45 ص]ـ
جزاكم الله خيرا اخي حاتم ونفع بكم
ان شاء الله ساحاول ان اقوم بذلك وانت تعلم ان تيزيني يكتب منذ فترة طويلة في صحيفة الاتحاد الاماراتية
وفي ظني أن ترتيب هذه المناهج من حيث الأهمية ومقدرتها على التأثير هو حسب الترتيب أعلاه، وذلك أن منهج اللسانيات الحديثة ومنهج التاريخية هي مناهج بحثية مقررة عند الغربيين وإنما الإشكال في محاولة تطبيقها على القرآن الكريم.
أما منهج المدرسة الاستشراقية فقد خبا بريقه وانكشف عواره عند غالب الباحثين اليوم!!
وأضعفها اللامنهج!! إذ لا يمكن محاكمته إلى مسلماته لأنه لا مسلمات عنده!.
اخي محمد البعداني هناك سؤال يشغلني الآن، بل منذ فترة طويلة، وهو هل مناهج اللسانيات والسيميائيات التي افتتن بها كثير من الاسلاميين -على ماارى- هل هي مناهج اداتية فارغة المادية اقصد هل هي اداة يمكن ان تطبق في اي مجال ام انها هي نفسها تحمل ماديتها في شغاف حروفها ومقوماتها واصلها ولبها؟ وكذلك الامر في الهرمنيوطيقا وان كانت هذه الاخيرة اقل في الدرجة من حيث الاهتمام!
ارى في مواقع سلفية-من احب المواقع الى قلبي- اقدرها جدا وهي محترمة جدا روابط لتحميل كتب السيميائيات واللسانيات وكأنها كتب مقدسة!
طبعا الامر ليس كذلك ولكن شعوري الآن هو كذلك!
ماذا يحدث؟
فكتب محمد الغزالي كان عليها اعتراض لان فيها مافيها فهل لسانيات الغرب اولى في السماح من لسانيات الغزالي مثلا
الامر يحتاج لنقاش جاد
¥