قال الأستاذ خضر سلامة:" أسست في عام 1957 وتحتوي على تسعٍ وأربعين مخطوطة ولعل أهم مخطوطة فيها/ القسم الثاني من الكشف والبيان عن تفسير القرآن لأحمد بن إبراهيم الثعالبي) ا. هـ (التراث العربي المخطوط في فلسطين ص 105).
وأما عن تغريب هذا التراث:
فأبدأ بمعنى التغريب وهو غربة التراث وترحيله إلى الدول الغربية والأوروبية، فقد حصلت مكتبات أوروبا على مجموعة ضخمة من التراث الإسلامي والعربي كان فيها من التراث الفلسطيني الشئ الكثير وبالذات المكتبات التركية بحكم كونها عاصمة الخلافة العثمانية في ذلك الوقت وكان إهداء الكتاب إليها من مدن الشام وحكامها وكبارها الدافع الأول لذهاب تراثنا هناك حيث كانوا يتزلفون ويتقربون به على عتبات السلاطين.
ولقد نعمت بعض الدول الأوروبية الاستعمارية الكبرى كفرنسا وبريطانيا وألمانيا وغيرها بهذا التراث حيث استطاعت بفعل استعمارها واستيطانها في البلاد العربية أن تسيطر على هذا التراث العربي والإسلامي.
وقد قامت هذه الدول الغربية بحفظ هذا التراث المنهوب معتقدة أنه ملك لها ولا يجوز التصرف به حتى ولو كان رئيس دولة وخذ هذا الموقف العجيب .. !!
يقول الأستاذ أيمن فؤاد سيد:" كنت في باريس في عام 1993 وكان رئيس الدولة الفرنسي في زيارة إلى كوريا وقد حمل معه إحدى المخطوطات التي أخذها الفرنسيون من كوريا وكان مع المخطوطة اثنان من أمناء المكتبة الوطنية، وحدث أثناء الزيارة أن قرر الرئيس الفرنسي إهداء المخطوطة إلى الحكومة الكورية، فما كان من الأمناء إلا أنهم اعترضوا اعتراضاً صريحاً على قرار الرئيس لأن المخطوطة ملك المكتبة الوطنية وليست ملك الرئيس الفرنسي، وتعاطف رئيس المكتبة الوطنية مع موقف الأمناء ولم تُمنح المخطوطة لكوريا على الرغم من أنها مسروقة – أصلاً – من كوريا!!! " (ندوة التراث العربي المخطوط في فلسطين ص65).
وقد تفطن بعض زعامات ورؤساء الغرب للتراث العربي فأولوه اهتماما شديد حتى إن زعيم ألمانيا هتلر أمر بجمع المخطوطات العربية وغيرها من مخطوطات الحضارات الأخرى من مكتبة الدولة في برلين، ثم ترحيلها إلى مقاطعات ألمانيا.
أمر هتلر بهذا والحرب العالمية الثانية مشتعلة وقذائف الحلفاء تنصب على برلين، وهذا الذي فعله هتلر أنقذ كثيرا من المخطوطات العربية ويدل على ذلك ما نجده من مخطوطات في محافظات ومقاطعات ألمانيا (نفس المصدر65).
فهل بعد هذا كله ينبغي لنا الرقود والغفلة عن تراثنا ذي المجد الأثيل.
وكذلك قد تغرب هذا التراث عبر تجار الكتب والمخطوطات الذين كان همهم جمع المال ولو على حساب تراثهم المجيد.
يقول العلامة محمد كرد علي رحمه الله بعد أن تكلم عن مصائب الكتب وأشهر المآتم التي أقيمت عليها فقال " هذا ما وقع للكتب العربية من النكبات العامة في القرون الوسطى وقد وقع لها ما بعده نكبات أعظم وأدهى نريد بها جهل القوم وزهدهم فيها ومناداتهم بها وبيعها بثمن بخس لكل طالب ولا زال الشيوخ من أهل هذا الجيل يحدثوننا بما وقع لكتبنا في مصر والشام وأقله السرقة والحرق الاختياري وبيعها من الدلالين ينقلوها إلى الأجانب.
حدثني ثقة أن دلال كتب في دمشق كان يغشى منازل أهل العمائم ممن يُعرفون بين القوم بالعلماء ويختلف إلى متولي خزائن الكتب في المدارس فيبتاع منها ما طاب له من كتب القوم المخطوطة بأثمان زهيدة إذ لم يكونوا يحرصون إلا على كتب الفقه وكانوا أبيع من أخوة يوسف لكتب التاريخ لأنها كذب بزعمهم والكذب لا ينبغي أن يوضع في قماطرهم وخزائنهم وهناك فنون كثيرة تلحق فن التاريخ بالطبع وهي كتب الحكمة والأدب، قال: وقد ابتاع معظم هذه الكتب قنصل ألمانيا إذ ذاك بما يساوي ثمن ورقها أبيض وبقي سنين يتلقطها من أطراف سورية حتى اجتمع له منها خزانة مهمة رحل بها إلى بلاده فأخذتها حكومته منه وكافأته عليها والغالب أن معظم ما في مكتبة برلين العربية هو من بقايا الكتب التي كان بعدها أولئك المتعالمون أضاليل وأباطيل والتخلص منها بدراهم معدودة خير وأبقى .... " (المقتبس2/ 569 - 580).
¥