تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قال أبو الحسن: (ومعروف شدة الشيخ أبي حامد الاسفراييني على أهل الكلام حتى ميز أصول فقه الشافعي من أصول الأشعري، وعلقه عنه أبو بكر الزاذاقاني وهو عندي، وبه اقتدى الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في كتابيه "اللمع" و"التبصرة" حتى لو وافق قول الأشعري وجها لأصحابنا ميزه. وقال: هو قول بعض أصحابنا، وبه قالت الأشعرية، ولم يعدّهم من أصحاب الشافعي، واستنكفوا منهم – أي: من الأشاعرة - ومن مذهبهم في أصول الفقه فضلا عن أصول الدين.

قلت: - أي ابن تيمية - هذا المنقول عن الشيخ أبي حامد، وأمثاله من أئمة أصحاب الشافعي أصحاب الوجوه؛ معروف في كتبهم المصنفة في أصول الفقه وغيرها) ([8]).

ولولا مخافة التطويل والخروج عن المقصود؛ لأتيت بشواهد تطبيقية من خلال "شرح اللمع" للشيرازي. وممن تأثر بالشيرازي واقتفى أثره الإمام السمعاني (ت:489هـ)؛ وذلك في كتابه: "قواطع الأدلة".

قال ابن تيمية: (من بنى الكلام في العلم - الأصول والفروع - على الكتاب والسنة والآثار المأثورة عن السابقين، فقد أصاب طريق النبوة) ([9]).

الثاني: بيان الدخيل على القواعد الأصولية ونبذه.

المسائل الخارجة عن علم الأصول وغايتهِ كثيرة، وعلاقة هذه المسائل بعلم الأصول تختلف من مسألة إلى أخرى، فمن هذه المسائل ما لها علاقة مباشرة بالقاعدة، وقد يستفاد منها في فهمها وتصورها، بل وتطبيقها، ومنها ما لا علاقة لها به، وهذا يمكن الاستغناء عنه.

مثال الأول: تقسيم الأسماء إلى حقيقة عرفية، ووضعية، وشرعية ([10])، ووجه ذلك: أن القواعد الأصولية قد تتضمن مصطلحات شرعية، وعرفية، ووضعية، كما أن النصوص قد تتضمن ذلك، والمتفقه بحاجة إلى قاعدة بيّنة في تعامله مع هذه الحقائق ([11]).

ومثال الثاني: تقسيم الكلام إلى اسم، وفعل، وحرف ([12])، وهذا لا وجه له سوى الاستطراد.

يقول الغزالي (ت: 505هـ): (وذلك – أي علم الكلام - مجاوزة لحد هذا العلم – أي علم الأصول - وخلط له بالكلام وإنما أكثر فيه المتكلمون من الأصوليين لغلبة الكلام على طبائعهم، فحملهم حب صناعتهم على خلطه بهذه الصنعة، كما حمل حب اللغة والنحو بعض الأصوليين على مزج جملة من النحو بالأصول، فذكروا فيه من معاني الحروف، ومعاني الإعراب جملا هي من علم النحو خاصة) ([13]).

قال الطوفي (ت: 716هـ): (واعلم أن البحث عن أن العموم من عوارض الألفاظ، أو المعاني هو من رياضات هذا العلم، لا من ضروراته حتى لو ترك، لم يُخِلّ بفائدة) ([14]).

وما لو ترك في كتب الأصول لم يُخل بفائدة كثير جدا، فأصول الفقه فيه جزء كبير من العربية، وجزء كبير من أصول الدين كالحسن والقبح، وصدق النبوة وعصمة الأنبياء عليهم السلام، وجزء من النحو والتصريف وغير ذلك مما ليس له به صلة مباشرة ([15]).

وكثرة المسائل الدخيلة في أصول الفقه تطبيقيًّا، أمر أوضح من أن يستدل له، وقد نص على ذلك كثير من الأصوليين، بل كتب بعض المعاصرين رسالة في مجلد لطيف بعنوان: "المباحث اللغوية وأثرها في أصول الفقه دراسة في كتاب شرح جمع الجوامع للمحلي" للباحث: نشأت علي محمود. فإذا كان هذا في شرح جمع الجوامع فقط، فما بالك بغيره من المصادر الأصولية الموسعة؟

وقد كُتب أيضًا في تمييز المسائل الكلامية عن المسائل الأصولية، ومن أشهر مَن ميّز هذه المسائل العروسي في كتابه: "المسائل المشتركة"، وممن بيّن وجمع المسائل الأصولية المبنيّة على المسائل الكلامية واللغوية الزركشي (ت:794هـ) في كتابه: "سلاسل الذهب" وهو تصنيف مبتكر لم يُسبق إلى مثله، ولم يُنسج على منواله.

الخلاصة: وجود مسائل ليست من أصول الفقه أمر لا جدل فيه، ودونك هذا المثال:

قال الرازي (ت:606هـ): (وأما الكلام، فهو الجملة المفيدة، وهي إما الجملة الاسمية، كقولنا زيد قائم، أو الفعلية، كقولنا قام زيد، وإما مركب من جملتين) ([16]).

قال عبد المؤمن الحنبلي (ت:739هـ): (و"الكلام" هو المنتظم من الأصوات المسموعة المعتمدة على المقاطع وهي الحروف، وهو جمع كلمة، وهي اللفظ الموضوع لمعنى. وخص أهل العربية الكلام المفيد وهو الجمل المركبة من فعل وفاعل، أو مبتدأ وخبر، وغير المفيد كلم) ([17]).

وهذا الأمثلة جزء من عشرات الأمثلة، وكتب الأصول في ذلك تكاد تكون متطابقة، فالمثال الواحد يكفي في إثبات القضية؛ وذلك لغلبة النقل عليهم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير