تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ويمكن أن نضيف إلى هذين الرَمزَين رَمز المَدّة، وهو ما يدُلّ على حَرف بعينه هو ألِف المَدّ الذي يرِد بعد الهَمزة حين يكون مَوقِعها أصلا في أوّل الكَلِمة، وهو، مثَله مَثَل الشَدّة، وُضِع بَديلا من تَكرار كِتابة الحَرف الذي يأنَفه نِظام الكِتابة في العَرَبيّة. هذا، وقد صار للمَدّة مع الألِف قبلها رَمز مَنفَصِل على لَوحة المَفاتيح مما يجعَلُنا نخرِجه من طائفة عَلامات التَشكيل.

وأمّا السُكون فما من عَلامة من عَلامات التَشكيل أجدَر بأن تُحذَف أو تُقصى عن هذا النِظام منه. ذلك أن الحَرف إذا ظَهَرت عليه عَلامة من عَلامات الحَرَكة كالفَتحة والضَمّة والكَسرة صار مُتَحَرِّكا، فإن خَلا من أيّ من هذه العَلامات خَلا من الحَرَكة بكُلّ أشكالها وعاد ساكِنا، ولذلك لم يعُد بحاجة إلى رَمز السُكون.

ثم إنّ إثبات عَلامة السُكون التي كانت توضَع على أحرُف المَدّ التي تُدعى في المَفهوم الصَوتيّ الحَديث بالحَرَكات الطَويلة هو من باب التَناقُض الذي يعتَرِف بطَبيعة الحَركة في هذه الأصوات وفي الوقت ذاته يُصِرّ على دَمغها بعَلامة السُكون.

وأمّا عَلامة الصِلة التي توضَع على الألِف المَتبوعة بلام التعريف وفي أوّل الكَلِمات التي تبدأ بصامِتَين نَحو استَعلَم واستِعلام وانطَلق وانطِلاقة وغَيرها، فلا موجِب لإثباتها. وكذلك هي لا تلتَبِس بألِف المَدّ التي لا تقَع في أوّل الكَلِمة، ولا بالألِف الفارِقة التي تظهَر بعد بَعض الأفعال، وكلّ هذه الألِفات تخلو من أية عَلامة. ولا شَكّ أنّ من طَوَّروا لَوحة المَفاتيح قد انتَبَهوا إلى هذه الخَصيصة في ألِف الوَصل حيث لم يُعيروا العَلامة التي وَضَعها الخَليل أيّ اهتِمام، وبالتالي فلم يجعَلوا لها مَكانا على هذه اللوحة.

بقيت الحَرَكات الثَلاث وهي الفَتحة والكَسرة والضَمّة، والظاهِر أنّ من غير اللازِم إثبات أيّ من هذه الحَرَكات قبل حُروف المَدّ التي تجانسها، فإذا كانت مَتبوعة بحُروف مُغايِرة لَزَم إثباتها ليؤمَن اللَبس.

ثمّ إنّ هناك نَوعا واحِدا من الحَرَكة يسبِق التاء المَربوطة هو الفَتحة، فالفَتحة هنا لا لُزوم لإثباتها أيضا. وكذلك لا لُزوم لتلك الحَرَكات التي يمكِن أن تدُلّ عليها أحكام رَسم الهَمزة.

يأتي بعد ذلك إثبات الحَرَكات الإعرابيّة على أواخِر الكَلِمات وهل يجدُر إثباتها أم يُترَك أمر تَقديرها للقارئ الذي يجِب أن يكون شَدا شَيئا من النَحو يجعَله يمَيِّز ما حَقّه الرَفع في مَوضِع الرَفع وما حَقّه الخَفض في مَوضِع الخَفض وقِس على ذلك مما يمكن تَحقيقه بالقَدر الأساسيّ المَطلوب مَعرِفته من النَحو.

وأخيرا، فإنّ ثَمّة كَلِمات يمكِن لنا أن نَتَحاشي تَشكيلها وذلك لأنّها أصبَحَت شائعة شُيوعا كَبيرا وانغَرَست طَريقة نُطقها في أعماق النَفس منذ الصِغر نَحو هذا، وهذه، وأولئك، وهؤلاء .. وباختِصار كلّ الكَلِمات التي تُعد في تَقسيم الكَلام من فئة الحَرف. كما يُمكن أن نضيف إليها السَوابق prefixes كالواو والفاء والسين واللام وغيرها.

ولا بُدّ أن القارئ الآن قد لاحَظ أنّ النَص ّ كُلّه قد شُكِّل تَشكيلا كامِلا عَبر هذه الطَريقة المُقتَرَحة من التَشكيل الجُزئيّ القائم على القَواعِد العامّة التي بَيّنّاها وليس على مُجَرّد التَقدير الشَخصيّ.

سليمان أبو ستة

ـ[سليمان أبو ستة]ــــــــ[14 - 01 - 2009, 10:03 م]ـ

لا شك أن بعض أفكار هذه المداخلة ليست جديدة على القارئ المتتبع لقضية الاقتصاد في التشكيل، وإن كان من الملاحظ أيضا أن البعض الآخر منها لم يتطرق إليه الباحثون بحال من الأحوال. وبالتالي، فإنه يمكن لي أن أزعم أن ما جئت به من جديد في هذا الصدد يصلح لأن يعد لبنة تضاف إلى ما سبق ذكره في سبيل أن يكتمل بناء هذا البحث الهام من بحوث الكتابة العربية. أضف إلى ذلك مزية أخرى لهذه الطريقة الجديدة من التشكيل هي أني طبقتها في نشري لكتابين تراثيين في مجلة محكمة ولا أظن أن أحدا وجد في قراءتهما عنتا أو قصورا في الضبط الصحيح لأي من الكلمات فيهما.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير