تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[ترى هل يحمي الرب أمريكا؟]

ـ[د. محمد الرحيلي]ــــــــ[19 - 10 - 2006, 01:11 ص]ـ

* الكتاب: ترى هل يحمي الرب أمريكا؟

* المؤلف: بير هولم يورغنسن

* الناشر: إسوتيا 2006

http://www.alwatan.com.sa/daily/2006-10-18/Pictures/1810.cul.p26.n1.jpg

ما يجري من أحداث عالمية وما تتعرض له الولايات المتحدة من انتكاسات على المستوى الدولي وتعرض سياستها الخارجية للسخرية حيناً، وعدم الرضا حينا آخر، يجعل الكثير من محبي الولايات المتحدة يتساءلون ما إذا كان في إمكانها الصمود في وجه التحديات الكبيرة التي تعترضها وسياستها وخاصة في العالم الإسلامي الذي دخلت إليه من بوابته الكبرى واتهمته بالإرهاب الإسلامي المعاصر ضد ما يسمى بالغرب الحضاري الديموقراطي.

كل من يحب الولايات المتحدة - شاء أم أبى - سوف يدعو لها بالبقاء ويقوم بالصلاة من أجلها ويتمنى أن تدوم هذه الدولة، أكان محباً أم عميلاً أم مشجعاً وربما مواطناً أصلياً فيها، فالكل يقوم بهذه الصلوات والدعوات، خاصة وأن الولايات المتحدة تخوض الآن حرباً انتخابية بدأت مبكرة، والديموقراطيون يراهنون على الحرب العراقية الفاشلة وأسبابها لطرد الجمهوريين من البيت الأبيض، والجمهوريون يعلقون على تخويف الشعب الأمريكي من خطر الإرهاب الذي صنعوه، فإلى أي مدى يمضغ الشعب الأمريكي هذه اللقم التي تقدم إليه كل مرة دون أن يسأل عما تحتويه وما فائدتها وأضرارها؟.

الانتخابات الأمريكية كالمعتاد محصورة بين النخبة من الرجال البيض الذين قام قسم كبير منهم بتحرير الزنوج من العبودية في الولايات المتحدة، وخاصة في الجنوب منها الذي رفض تحرير الزنوج الأفارقة فقامت الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب، ويا لفرحة الزنوج!، كل هذه الدماء التي أسيلت من أجل حريتهم؟ هل تصدقون ذلك؟ ولم يتخلّ البيت الأمريكي يوماً ما عن خدمة الرجل الأسود له، وهو بحاجة إلى من يروض هؤلاء المتوحشين الأفارقة والذين بقوا ولفترة طويلة يرفضون الذل والعبودية، ولكن نجح الأمريكيون في استقطاب النفوس الضعيفة منهم ووضعوهم على رأس القيادة في البيوت الأمريكية لترويض الآخرين من المتمردين على السيد ولاستقطاب أعداد أكثر حولهم ولكسب أصواتهم الانتخابية بعد أن سمح لهم بالتصويت للرئاسة الأمريكية وحقهم في المواطنة، وبدأ الحزبان يتنافسان على كسب أصوات الزنوج الأفارقة ورفع مكانتهم في البيت الأبيض كصورة واضحة على حريتهم وسلطتهم وتمتعهم بكامل الحرية في بلد غابت عنه الحريات لسنوات طويلة.

إن التنافس الحقيقي بين الديموقراطيين والجمهوريين كما يقول الكاتب هو حول استقطاب أكبر عدد من الزنوج الذين لم يعودوا يثقون بهذه الحكومات المتعاقبة لتحسين وضعهم الاجتماعي السيئ في كثير من الولايات، وما حدث في نيو أورليانز أكبر دليل على إهمال الدولة للزنوج، ولكنها تضع دائماً في الصورة وبشكل يومي أحد الأفارقة السود من الأمريكيين السياسيين على قنوات التلفزيون، وما تظهره المسلسلات الأمريكية وأبطالها الزنوج ومديرو أقسام الشرطة من الزنوج والمستشارون للرئيس من الزنوج، وحتى في بعض الأفلام الرئيس يكون من الزنوج، ولكن الحقيقة غير الخيال، فما هي إلاّ دعاية نفسية وتلاعب بخيال المواطن الأسود الذي له نفس الحقوق كما للأبيض، ولكن هناك من يقف في وجه طموحات السود الأفارقة وممارسة حقوقهم كمواطنين من الدرجة الأولى، فمن يفعل ذلك؟، هل الديموقراطيون أم الجمهوريون؟.

إن الاختلاط العرقي المتنوع في الولايات المتحدة جعل منها خلية نشطة في عصر النهضة العلمية والاقتصادية، والسباق بين هذه الأعراق والجاليات التي أتت إليها مهاجرة لتحسين أوضاعها الاقتصادية ساعد الولايات المتحدة على النهوض والوصول إلى ما وصلت إليه الآن من خلال هذه الأعراق التي قدمت دماءها وضحت بالكثير لهذه الدول الفتية والغنية، ولكن البيض أحكموا سيطرتهم على السياسة والاقتصاد منذ بدء الهجرة إليها، وفككوا كل الخلايا النشطة الأخرى، ولكنهم جعلوا من الولايات المتحدة خلية نحل يعمل كل من يأتيها لخدمة الرجل الأبيض، كما أن "البيت الأبيض" رمز لهم. وقادت الولايات المتحدة العالم الحر لسنوات طويلة كقوة اقتصادية وعسكرية وسياسية كبيرة لها اليد الطولى في صنع القرار السياسي حول العالم، وخاصة في منظمة الأمم المتحدة التي تديرها مع حلفائها ولا ينفذ قرار إلا بموافقتها.

ترى هل يحمي الرب أمريكا؟، سؤال يدور في ذهن الكاتب وهو يتابع أحداث عالمية قديمة وجديدة على الساحة الأمريكية والعالمية ولا يرى إلا أن أمريكا قامت على قوة السلاح وبعدها الاقتصاد مرتبطاً بالقوة العسكرية وسيطرتها على مناطق نفوذ في أنحاء عديدة في العالم، فهل تبقى الولايات المتحدة على ما عليه الآن أو تتراجع كما القوى السابقة في التاريخ؟، ولن يذكرها فهي كثيرة.

الكاتب يحاول تسليط الضوء على القوى العظمى التي تلعب بمصير الشعوب وتقودهم بالقوة لمصالحها الذاتية دون اعتبار للدول والشعوب الأخرى، فالدول والإمبراطوريات القديمة زالت بزوال قيمها، فهل هناك قيم للولايات المتحدة تحافظ على بقائها كأعظم دولة في العصر الحديث؟.

وبنفس الوقت يطلب الكاتب بقاء الولايات المتحدة في الصدارة ويعتبر ذلك أفضل من أنظمة لا نعرفها قد تأتي وتحل محلها، أو أنظمة نعلم رجعيتها وخلفيتها الثقافية والدينية، فالكاتب لا يريد أنظمة دينية تحل مكان الأنظمة العلمانية ولو كانت عنصرية واضطهادية.

نقلاً عن جريدة الوطن السعودية

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير