[حكاية " البحث عن كتاب "]
ـ[د. علي السعود]ــــــــ[12 - 11 - 2006, 11:38 م]ـ
وأنا في السنة الثالثة من دراستي الجامعية قرأت كلاما جميلا عن كتاب التسهيل لابن مالك، فعقدت العزم على شرائه وقراءته، سألت عنه في المكتبات، ولا أبالغ حين أقول: مامن منطقة من مناطق المملكة إلا زرت مكتباتها ذات العناية بالكتاب، وأسأل عن الكتاب، سألت عنه في الوسطى والشرقية والغربية والجنوبية، ولم أقف عليه، بدأت التفكير في تصويره، وسألت فدلني زميل إلى إنسان ذي عناية بالكتاب، ذهبت إليه، وسألته عن الكتاب، فأخبرني بوجوده، ربما لا أقدر على وصف الفرحة التي عمت أرجائي، أخذته مبتهجا، ولم أصبر حتى أصل بيتي لأراه، فقد كنت أقلبه وأنا في السيارة، كمن رزق بمولود، بعد فترة طويلة لم يرزقه الله وليدا، حتى وصلت البيت وبدأت أتصفح الكتاب، كي أبدأ في تصويره غدا، ولكن تفاجأت وأنا أقرأ الكتاب، أن مائة صفحة من الكتاب، قد سقطت منه في أثناء صف الكتاب، ولم ينتبه صاحب الكتاب إلى ذلك، أصابني إحباط لحظتها، لأن هذا الوليد " خداج "، ولكن لم يقصر عزمي في البحث عن الكتاب، فأرجأت تصويره، وسلمت صاحب الكتاب كتابه بعد أن أخبرته بما فيه.
راسلت واحدا في مصر ليبحث لي عن الكتاب، وفي الوقت نفسه كنت أبحث وأبحث، وفي زيارة لمكة المكرمة قررت أن أعيد النظر في المكتبات المقابلة لباب المدينة حيث كانت الكتب مكدسة وغير مرتبة، سألت أصحابها عن الكتاب، فكانت الإجابة: غير موجود.
بدأت أبحث بنفسي كتابا كتابا، وأصعد السلم كي لا أترك أي درج إلا وقد حفرت فيه عن الكتاب، أنهيت تلك المكتبات بعد أن أعدت غزلها من جديد، ولكن بلا نتيجة، عدت إلى الشقة التي أسكنها، وقد أمعنت في التفكير في شأن هذا الكتاب، فبدر إلى ذهني أن أبحث خلف أعلى كل درج في المكتبة، لعل وعسى، وبدأت الرحلة، صاحب المكتبة، علا وجهه الاستغراب، فهذه حالة فيما يبدو لم يشهدها من قبل، وبينما أن كذلك، وقد كنت أُدخل يدي خلف الكتب في أعلى الدرج، وأتلمس كالأعمى تماما، عسى أن أجد شيئا، وبينما أنا كذلك وجدت طرف كتاب ساقط خلف الكتب، لا أدري: ما الذي دعاه إلى الهروب والاختفاء خلف تلك الكتب؟، ربما أن الزمن أهمله أو صاحب المكتبة، أو ملّ من مشاهدة الزبائن له دون شراء، وأخذت بطرف هذا الكتاب، فكانت المفاجأة، نعم إنه " كتاب التسهيل " لابن مالك، إنها لحظة صعبة الوصف، ومازلت كلما رأيت الكتاب أو فتحته أتذوق لذة تلك اللحظة، أخذت الكتاب بهدوء، حتى لا يشعر صاحب المكتبة بذلك، وأن هذا الكتاب هو الذي سألته عنه أمس، فأخذته واصطحبت كتابا آخر، وقدمتهما لصاحب المكتبة حتى لا يستغل نقطة ضعفي فيغالي في السعر، ومر الشراء بسلام، بعد رحلة عناء من البحث عن الكتاب، وبعد حصولي على الكتاب بأسبوع جاءتني نسخة أخرى من القاهرة، فأهديتها صاحب الكتاب " الخداج " وفاء لموقفه، وإذهابا لحزنه على ماعرفه مني بشأن الكتاب.
ـ[خالد مغربي]ــــــــ[12 - 11 - 2006, 11:54 م]ـ
أستطيع أن أضع نفسي في موضعك وأتصور الموقف كما تصورته أخي الدردبيس
الكتاب! وما أدراك ما الكتاب 0 لحظة التعلق الأولى 00 والتي تصل إلى مرحلة العشق والهيام والتوله 00 فلا تكاد تستقر إلا وكتاب يشغلك هنا، وآخر يدغدغ حنينك للقراءة، وثالث يشعرك بالزهو وأنت تتصفح أوراقه ورابع وخامس و00و 000
رحلة طريفة أخي الكريم 00 رحلة اللذة التي تعتريك وأنت تحصل على كتاب!
رحلة ولا أروع ولا ألذ ولا أشهى!
بورك فيك
ـ[السد العالي]ــــــــ[13 - 11 - 2006, 12:04 ص]ـ
سبحان الله ==قصة تقطع القلب == ولكن وبعد الوصول بالقاريء لنقطة الذروة ==أتت النهاية السعيده ==وهكذا فان الخير ينتصر في النهاية.
تحياتي لك علس اسلوبك الجذاب.
ـ[أبو سارة]ــــــــ[13 - 11 - 2006, 06:15 ص]ـ
قصة ماتعة
يقولون: لكل من اسمه نصيب، والتسهيل كان اسمه، والحمد لله الذي يسر ثم سهل عليك نوال ماتحب.
سلم يراعك
ـ[أبو طارق]ــــــــ[13 - 11 - 2006, 08:41 م]ـ
جهد مأجور عليه بإذن الله
اجتهدت فسهل الله عليك
فكيف بمن لا حظ له من الكتب إلا قراءة عنواناتها؟
وُفقتَ
ـ[نائل سيد أحمد]ــــــــ[29 - 11 - 2006, 01:02 ص]ـ
فكيف بمن لا حظ له من الكتب إلا قراءة عنواناتها؟
ورفع عنوان المشاركة أيُّ أنواع الحظوظ؟
ـ[أبو أحمد العجمي]ــــــــ[29 - 11 - 2006, 09:27 ص]ـ
أما أنا فما زلت مذ سنوات أبحث عن كتاب ولم أجده حيث طبع في الهند ونفذت طبعته وفي إحدى الجلسات ذكرت اسمه لمشرفي على الرسالة وكان لا يعرفه وبعد أسابيع قال لي إني أوصيت رجلا فجاء به من باكستان فإن أردت أن أعيركه فعلت:)!!!!!
ـ[نائل سيد أحمد]ــــــــ[29 - 11 - 2006, 01:17 م]ـ
الزمخشري توقيعك يحمل كتاب، وقلمك يحمل كتاب، وقلبك يتسع لذكر الله، للرفع الطامع بتواقيع جديدة ومفيدة.
¥