تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وشدد الداعية الإسلامي المعروف، على ضرورة أن تحتفظ الأمة بأصالتها، وألا تكون تابعة. وقال «لا نريد الأمة أن تكون ذيلا وقد خلقها الله رأسا». وأضاف قائلا: «نحن لا نريد أن نحجر على العقول أن تحسن الفهم في النصوص الدينية». لكنه أكد أهمية «الاستضاءة بالوحي، ومع ما قاله السلف، والاستنارة بما عند الأمة من تراث»، مشددا على ضرورة عدم المبالغة بالاستخفاف بتراث السلف، وألا يرمى هذا التراث في «سلة المهملات».

ولفت القرضاوي إلى «ضرورة جمع خيرة العلماء، وألا يتولى مهمة إعادة الشرح علماء ليس لهم علاقة بعلم الشرع، وألا يشرحوا الحديث على ضوء علم الاجتماع أو اللسانيات».

وأضاف الشيخ يوسف القرضاوي، أن إعادة شرح النصوص الدينية، معمول به في كثير من بلدان العالم الإسلامي، وليس في تركيا وحدها، مؤكدا أهمية «أن يعمل في هذا الإطار على أن يبنى اللاحق على ما أسسه السابق، على اعتبار أن العلم تراكمي. فليس من المعقول أن أترك القديم وأبدأ من جديد»، على حد قوله.

ولتوضيح فكرة المشروع والغاية منه يقول محمد غورميز نائب مدير «ديانات»، وهي سلطة الشؤون الدينية في تركيا التي تشرف على المشروع: «إن الفكرة الرئيسية هي جعل الحديث النبوي مفهوما أكثر بالنسبة للمسلم في القرن الواحد والعشرين، بإعادة تفسيره، وهو التعبير المناسب لما نقوم به». وأوضح أن خمسة وثلاثين عالما دينيا وأستاذا من جامعة أنقرة للعلوم الدينية يعملون على إنجاز هذا المشروع منذ أكثر من عامين حيث يتوقع لهم أن ينجزوا عملهم في نهاية العام الحالي.

ولفت غورميز إلى أنها المرة الثانية التي تعمد فيها السلطات الدينية التركية إلى قراءة النص المقدس للسنة النبوية الشريفة بعد أن سبق للبرلمان التركي أن ناقش المسألة عام 1923 مع تأسيس الجمهورية التركية الحديثة على أنقاض الخلافة العثمانية.

والحديث النبوي، كما يفهم منه الغرب عند ترجمة النص، يعني ما قاله أو ما نطق به الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم)، إلا انه يعني أيضا كل ما صدر عن الرسول الكريم من قول وفعل وإقرار، أثبت بها حقائق معينة وأرسى أحكاما محددة أو أبطل غيرها من شؤون المعاملات البشرية.

ولا يشك أحد من المسلمين بصوابية وقدسية ما جاء على لسان الرسول الأكرم (صلى الله عليه وسلم)، ومن هنا تأتي الإشكالية في أي بحث حول الحديث النبوي الشريف، إذ ما الذي يعنيه القول بإعادة النظر في بعض الأحاديث كما يقول المسؤولون الأتراك؟

يقول غورميز: إن بعض المفاهيم تخضع لشروطها الموضوعية، وهي ليست أحكاما مطلقة بل جزء من التنظيم الاجتماعي الذي يتأثر بالتطور الاقتصادي والسياسي والفكري للإنسان والمجتمعات. ويعطي غورميز مثلا على ذلك ببعض الأحكام التي حرمت سفر المرأة من دون رفقة محرم، إذ كان السفر يستغرق ثلاثة أيام أو أكثر. ويقول إن التحريم هنا ليس أمرا دينيا ولكنه تحريم اجتماعي، ذلك أن السفر في زمن الرسول وفي الفترات اللاحقة القريبة منه لم يكن آمنا بالنسبة للمرأة عندما تكون وحدها، فالانتقال في الصحارى أو بين الحواضر المتباعدة وانعدام وسائل الاتصال والمراقبة وعدم القدرة على فرض الأمن الذي نفهمه في العصر الحديث .. كل ذلك جعل السفر مغامرة محفوفة بالمخاطر على المرأة خصوصا، إلا أن ذلك ـ كما يقول الباحث التركي ـ كان في عصر مضى وانقضى، والضرورات التي أوجبها على السلوك ليست ثابتة، بل إن بعض الناس جعلوا المؤقت دائما، ومن حكم الضرورة حكما عاما، وتبعا لهذا الفهم فإن المنع كان وسيلة لتأمين حماية المرأة وأمنها في ظروف محددة، فإذا ما تأمنت هذه الحماية وهذا الأمن بوسائل أخرى فإنه لا شيء يمنع من سفر المرأة وحركتها كما تشاء.

ويُفهم من كلام غورميز أن الهدف من المحاولة التركية هو إيجاد الأرضية المختلفة للمجتمعات الإسلامية تمكنها من الدخول في التفاعل مع ما يعرف بالمجتمع الدولي في مرحلة الانفتاح والتفاعل الواسع الذي تشهده البشرية. وقال غورميز «إن المشروع يتبنى روح النص الإسلامي ويعيد صياغته بمنهجيات حديثة».

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير