التشبه بالكفار) جريدة الجزيرة عدد 12017 يوم 18/ 7/1426هـ.
ومع ما تقدَّم:
فهذا الأمر أيضاً مُخالف للمواد التالية من النظام الأساسي للحكم الصادر بالأمر الملكي رقم: أ/90 وتاريخ 27/ 8/1412هـ فهو مُخالفٌ للمادة السابعة , فجميع الأنظمة خاضعة للكتاب والسنة , ومُخالفٌ للمادة الثانية عشرة , فهو مِمَّا يُسبِّبُ الفرقة والفتنة والانقسام , ومُخالفٌ للمادة الثالثة والعشرين , فهو ليس أمراً بالمعروف ولا نهياً عن المنكر.
وأيضاً:
فإنَّ هذا النشيد الوطني عندما يُذاعُ في وسائل الإعلام يُصاحبه موسيقى , ويألفه الطالب , وفي مثل هذا يقول الملك عبد العزيز رحمه الله: وقد وصف الملك عبد العزيز رحمه الله الغناء بقوله: (إنها – يعني الموسيقى – ولو كانت مُسَلِّيةً للجند ومُنظَِّمة لسيرهم فإنها تُلهي عن ذكر الله في البلاد التي أوجدها الله لذكره) مجلة المنار ج3 مجلد 27 ص162 , وكتاب: عناية الملك عبد العزيز بالعقيدة السلفية للشيخ محمد الخميس ص75.
أخي الكريم
لقد روى البخاري رحمه الله موقوفاً: (إنَّ الله لَم يجعل شفاءكم فيما حرَّم عليكم) فليس في ترديد الطلاب والطالبات كلَّ صباحٍ لِما يُسمَّى بالنشيد الوطني علاجاً للمذاهب المنحرفة من علمانية , وخوارج , وشيعة , ومرجئة , وصوفية , وقومية .. إلخ , وليس علاجاً للكبائر من الذنوب من قتلٍ , وزناً , ولواطٍ , وسرقةٍ , وعقوقٍ , ورشوةٍ , ودياثةٍ , وتبرُّجٍ , وكذبٍ , وغيبة .. , وليس فيه (غرساً للوطنية ورموزها في أفئدة الطلبة , وترسيخ الحس الوطني في الأجيال القادمة) يُنظر: جريدة الجزيرة عدد 11780 في 17/ 11/1425هـ.
وقد يقول قائل من المعلمين أو المعلمات: لا نستطيع ترك هذا المنكر خوفاً على وظائفنا؟.
والجواب: إنَّ في المعرفة بحكم ما ذُكر: معرفة القبيح , والإيمان بذلك , فإنَّ نفس العلم والإيمان بحرمة ذلك وإنْ لَمْ يُترك العمل به خير من عدم العلم بحرمته , بلْ فائدةُ العلم والإيمان أعظمُ من فائدة مجرَّد العَمَلِ الذي لَمْ يقترن به عِلْمٌ , فإنَّ الإنسان إذا عرَفَ المعروفَ , وأنكرَ المنكرَ: كانَ خيراً مِنْ أنْ يكونَ ميِّتَ القلب , لا يعرفُ معروفاً ولا يُنكر منكراً , ألا ترونَ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ رأى منكم مُنكراً فليغيره بيده , فإنْ لَمْ يستطع فبلسانه , فإنْ لَمْ يستطع فبقلبه , وذلكَ أضعفُ الإيمان) رواه مسلم ح49 بابُ بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان , وأنَّ الإيمان يزيد وينقص , وأنَّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان.
وفي لفظ: قال صلى الله عليه وسلَّم: (مَا مِنْ نَبِيٍّ بَعَثَهُ الله في أُمَّةٍ قبلِي إلاَّ كانَ له مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وأَصحابٌ يَأخذُونَ بسُنَّتِهِ ويَقتدُونَ بأَمْرِهِ , ثُمَّ إِنَّهَا تَخلُفُ مِن بَعْدهِمِ خُلُوفٌ , يقولونَ مَا لا يفعلونَ , ويَفعلونَ ما لا يُؤمَرُونَ , فمَنْ جاهَدَهُمْ بِيَدِهِ فَهُْوَ مُؤْمنٌ , ومَنْ جاهَدَهُمْ بلسانهِ فهو مؤمنٌ , ومَنْ جاهدهم بقلبه فهو مؤمنٌ , وليسَ وراءَ ذلكَ مِنَ الإيمانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ) رواه مسلم ح50 بابُ بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان , وأنَّ الإيمان يزيد وينقص , وأنَّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان.
وإنكارُ القلب هو: الإيمانُ بأنَّ هذا منكرٌ , وكراهته لذلك , فإذا حصلَ هذا , كانَ في القلب إيمانٌ , وإذا فَقَدَ القلبُ معرفة هذا المعروف وإنكار هذا المنكر , ارتفعَ هذا الإيمانُ من القلب.
وأيضاً: فقد يستغفرُ الْمُعلِّم الذي يُلزم الطلاب بتحية العلم مع إصراره عليه , أو يأتي بحسناتٍ تمحوه , أو تمحو بعضه , وقد يُقلِّلُ منه , وقد تَضعف همته في طلبه إذا عَلِمَ أنه منكر.
ثمَّ لو فُرضَ أننا علمنا أنَّ بعض الْمُعلِّمينَ لا يتركونَ إلزام الطلاب بتحية العلم , ولا يعترفونَ بأنه منكرٌ , لَمْ يكن ذلك مانعاً من إبلاغ الرسالة وبيان العلم , بل ذلك لا يُسقطُ وجوبَ الإبلاغ , ولا وجوبَ الأمر والنهي في إحدى الروايتين عن الإمام أحمد رحمه الله , وقولِ كثيرٍ من أهل العلم , على أنَّ هذا ليس موضع استقصاء ذلك , ولله الحمد على ما أخبرَ به النبيُّ صلى الله عليه وسلم من أنه: لا تزالُ مِنْ أُمته طائفة ظاهرة على الحق حتى يأتي أمر الله , وليس هذا الكلام من خصائص هذه المسألة , بل هو واردٌ في كلِّ منكرٍ قد أخبرَ الصادقُ صلى الله عليه وسلم بوقوعه (يُنظر: اقتضاء الصراط المستقيم ج1/ 147 - 149).
فنأملُ من العلماء والأمراء - وفقهم الله – كلٌ على حسب وسعه: السعي لإنهاء هذا المنكر لِما أخذَ الله عليهم من الأمانة.
ورحمَ الله الملك عبد العزيز القائل: (فوالله إذا رأيتُ الحقَّ أتبعه , لأني مسترشدٌ ولست بمستنكف , ومَن رأى شيئاً وكتمه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين) مختارات من الخطب الملكية ج1/ 66 - 67.
وفقنا الله وإياكم للإيمان , والعمل الصالح , والتواصي بالحقِّ , والصبر على الأذى فيه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
¥