فمن العلماء من قال إن الجماعة شرط لصحة الصلاة هذا مروي عن أكثر الصحابة فلذلك يقول عبدالله بن مسعود " لقد رأيتنا - أي معشر الصحابة-وما يتخلف عنها –أي عن الصلاة – إلا منافق معلوم النفاق" رواه مسلم في صحيحه.
أي لقد رأيتنا معشر الصحابة نحكم على من يتخلف عن الصلاة بالنفاق ونجعل هذا علامة على نفاقه، والمراد مع جماعة المسلمين.
القول الثاني: أن صلاة الجماعة واجبة وليست شرطاً لصحة الصلاة فلو صلى وحده صحت صلاته ولكن مع الإثم الشديد وهذا قول للحنابلة واختاره جمع من أهل العلم واستدل أصحاب هذا القول بحديث ابن عمر في الصحيحين " تفضل صلاة الجماعة عن صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة" وقد تقدم الكلام عليه.
القول الثالث: أن صلاة الجماعة سنة وهذا قول شاذ يروى عن المالكية وطوائف من فقهاء الأحناف ولكن هذا القول يصلح حجة على المتعصبين للمذاهب فلو كان يجوز لكل إنسان أن يأخذ بمذهبه لما جاز الإنكار على المالكية ولا على الأحناف في صلاتهم في بيوتهم ولكن الله نصب الأدلة معياراً على الحق وقياماً بالقسط فيعض الناس يقول هذا اختيار احمد وهو أدرى من غيره ويقول آخر هذا اختيار مالك وهو أدرى من أحمد وللآخر أن يقول هذا اختيار أبي حنيفة وهو أفقه أهل زمانه فيكون الدين هو المذهب والمذهب هو المتبع أما كلام الله وكلام الرسول r فهو بمعزل عن الاتباع ولا يقرآن إلا للتبرك فحسب كما هو واقع كثير من الناس.
394 - وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ اَلْأَسْوَدِ t { أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اَللَّهِ r صَلَاةَ اَلصُّبْحِ, فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اَللَّهِ r إِذَا هُوَ بِرَجُلَيْنِ لَمْ يُصَلِّيَا, فَدَعَا بِهِمَا, فَجِيءَ بِهِمَا تَرْعَدُ فَرَائِصُهُمَا, فَقَالَ لَهُمَا: "مَا مَنَعَكُمَا أَنْ تُصَلِّيَا مَعَنَا?" قَالَا: قَدْ صَلَّيْنَا فِي رِحَالِنَا. قَالَ: "فَلَا تَفْعَلَا, إِذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمْ, ثُمَّ أَدْرَكْتُمْ اَلْإِمَامَ وَلَمْ يُصَلِّ, فَصَلِّيَا مَعَهُ, فَإِنَّهَا لَكُمْ نَافِلَةٌ"} رَوَاهُ أَحْمَدُ, وَاللَّفْظُ لَهُ, وَالثَّلَاثَةُ, وَصَحَّحَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ, وَابْنُ حِبَّان َ ().
(الشرح):
وعن يزيد بن الأسود أنه صلى مع رسول الله r صلاة الصبح، فلما صلى رسول الله r إذ هو برجلين لم يصليا فدعا بهما، فجيء بهما ترعد فرائصهما فقال لهما " ما منعكما أن تصليا معنا. قالا قد صلينا في رحالنا قال " فلا تفعلوا إذا صليتما في رحالكما ثم أدركتما الإمام ولم يصل فصليا معه فإنها لكما نافلة ".
هذا الخبر رواه الإمام احمد رحمه الله وأبو داود والترمذي والنسائي وابن حبان وابن خزيمة والحاكم كلهم من طريق يعلى بن عطاء عن جابر بن يزيد بن الأسود عن أبيه عن النبي r .
وقد صححه الترمذي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم وقد رواه عن يعلى بن عطاء جمع منهم شعبة وغيلان وهشام بن حسان وأبو خالد الدالاني وغيرهم. قال الشافعي رحمه الله إسناده مجهول ولعله يريد بذلك يعلى بن عطاء وشيخه جابر بن يزيد، فجابر بن يزيد لم يرو عنه سوى يعلى بن عطاء ولكن مثل هذا لا يضر فيعلى بن عطاء من رجال مسلم وقد روى عنه جمع من الحفاظ وهو صدوق وجابر بن يزيد وثقه النسائي وغيره فلا يضر تفرد يعلى بالرواية عنه فقد وثقة النسائي وصحح له الترمذي وابن خزيمة وابن حبان وجمع من أهل العلم فلذلك الحديث إسناده صحيح.
قوله " صليت مع رسول الله r صلاة الصبح في مسجد الخيف:
" لفظ " الصبح " جاءت في بعض طرق الحديث، وهي مبينة لما أبهم في بعض الروايات.
قوله" مسجد الخيف ":
هو مسجد معروف في منى.
فيه دليل على إقامة الجماعة للمسافرين وأن المسافر يقيم الجماعة كغيره وذلك لعموم الأدلة فقد أمر الله بإقامة الجماعة في شدة الخوف علماً بأن الأحاديث الواردة عن النبي r في صلاة الخوف جاءت في السفر مع ذلك أمر الله بإقامة الجماعة.
وقد اختلف الفقهاء رحمهم الله في صلاة الجماعة للمسافر:
فمذهب الإمام احمد رحمه الله أن الجماعة واجبة حضراً وسفراً.
ومذهب الإمام الشافعي رحمه الله أن الجماعة في السفر ليست واجبة.
¥