وظاهر الأدلة تدل على أن الجماعة واجبة في السفر كما أنها واجبة في الحضر وإن قال قائل إذا سافر المرء لوحده؟ تقول أولاً: إن سفر المرء لوحده من غير حاجة مكروه لما رواه أبو داود من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
فإذا سافر وحد سواء كان سفره لحاجة أو لغير حاجة فحضر وقت الصلاة يجب عليه أن يبحث عن جماعة يصلي معهم فإن لم يجد فيصلي وحده.
قوله " فلما سلم فإذا هو برجلين فدعا بهما فجيء بهما ترعد فرائصهما قال لهم النبي r ألستما مسلمين ":
احتج بهذا القائلون بكفر تارك الصلاة لأن النبي r جعل الصلاة علامة على إسلامه وتركها علامة على كفره لأنه لا يتخلف عن الصلاة إلا كافر فلذلك قال ألستما مسلمين. وقد ذهب عامة الصحابة ولم يخالف منهم أحد إلى كفر تارك الصلاة وقد نقل إجماعهم كثير من أهل العلم منهم إسحاق والمروزي والمنذري وابن حزم وقد قال الترمذي في جامعه حدثنا قتيبة بن سعيد قال أخبرنا بشر بن المفضل عن الجريري عن عبد الله بن شقيق العقيلي قال كان أصحاب رسول الله r لا يرون شيء تركه كفر غير الصلاة.
قوله " صلينا في رحالنا":
احتج بهذا الخبر بعض أهل العلم على أن المساجد لا تجب في حق المسافرين إلا أن بعض أهل العلم تعقب هذا بقوله r : لا تفعلوا أي في الصلاة في الرحال وقيل إن المراد بقوله r " لا تفعلوا " أي إذا دخلتم المسجد فلا تفعلوا في الجلوس خلف الصفوف، هذا التفسير هو ظاهر الحديث.
ففيه دليل على تحريم الجلوس خلف الصفوف والناس يصلون ولو كان مصلياً في أحد المساجد فإن دخل المسجد عليه أن يصلي معهم وإلا فلا يدخل أصلاً فبعض الناس يتساهل بهذا الأمر وهذا غلط يجب الإنكار عليه.
ثم قال الرسول r " فإذا أتيتما مسجد جماعة وهو يصلون فصليا معهم"
هنا الأمر والأمر يقتضي الإيجاب والحديث صريح في جواز فعل بل مشروعية فعل ذوات الأسباب في أوقات النهي فهذه الصلاة هي صلاة الفجر ومع ذلك أذن الرسول r في فعل النافلة بعد طلوع الصبح للحاجة فيلحق بذلك سائر أوقات النهي لأنه إذا جاز هذا الفعل في وقت الفجر وهو أشد أوقات النهي فلأن يجوز في غيره من باب أولى.
وفي الحديث دليل على تعقب فقهاء الحنابلة في قولهم إلا المغرب فيشفعها بركعة الحديث رد عليه لأن النبي r لم يستثني صلاة دون صلاة بل عمم فيجب تعميم ما عممه الرسول r ولا يجوز أن ..... () هذا بدون دليل.
قوله " فإنها لكما نافلة":
فيه دليل على أن الأولى فريضة. والله أعلم.
395 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ r { إِنَّمَا جُعِلَ اَلْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ, فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا, وَلَا تُكَبِّرُوا حَتَّى يُكَبِّرَ, وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا, وَلَا تَرْكَعُوا حَتَّى يَرْكَعَ, وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اَللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ, فَقُولُوا: اَللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ اَلْحَمْدُ, وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا, وَلَا تَسْجُدُوا حَتَّى يَسْجُدَ, وَإِذَا صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا, وَإِذَا صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا أَجْمَعِينَ} رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ, وَهَذَا لَفْظُه ُ ().
وَأَصْلُهُ فِي اَلصَّحِيحَيْن ِ ().
(الشرح):
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله r " إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا ولا تكبروا حتى يكبر وإذا ركع فاركعوا ولا تركعوا حتى يركع، وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا اللهم ربنا لك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا ولا تسجدوا حتى يسجد، وإذا صلى قائماً فصلوا قياماً، وإذا صلى قاعداً فصلوا قعوداً أجمعين ".
هذا الخبر كما ذكر المؤلف رواه أبو داود بلفظه من طريق مصعب بن محمد عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعاًَ إلا أنه جاء عند أبي داود " فإذا صلى قاعداً فصلوا قعوداً أجمعون " بالرفع لا بالنصب فعلى رواية الرفع تكون أجمعون تأكيداً لواو الجماعة وعلى رواية النصب يكون الإعراب ظاهراً على الحال.
¥