وهذا الخبر رواه الشيخان في صحيحيهما بلفظ أخصر من هذا قال الإمام البخاري حدثنا محمد بن عبدالله قال أخبرنا عبدالرزاف قال أخبرنا معمر عن همام بن منبه عن ابي هريرة عن النبي r أنه قال " إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه فإذا ركع فاركعوا وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا لك الحمد وإذا سجد فاسجدوا وإذا صلى جالساً فصلوا جلوساً أجمعون ".
وفي رواية عند البخاري " وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا اللهم ربنا لك الحمد ".
ورواه مسلم في صحيحه من حديث أبي الزناد عن الأعرج عن ابي هريرة نحوه وعنده " اللهم ربنا لك الحمد".
ورواه أيضاً من حديث حيوة أن أبا يونس حدثه عن أبي هريرة وفيه فإذا صلى قائماً فصلوا قياما ً وإذا صلى قعوداًَ فصلوا قعوداً أجمعون ".
يتضح من هذا التخريج أن حديث الباب كما قال عنه المؤلف أصله في الصحيحين وإنما تفرد أبو داود بصياغة اللفظ وأما المعنى فكله موجود في الصحيحين.
قوله "إنما جعل الإمام ليؤتم به":
إنما أداة حصر تثبت الموجود وتنفي المفقود بمعنى أن الإمام إنما جعل إلى آخر ما ذكر.
قوله "ليؤتم به ":
بمعنى يقتدى به بالصلاة فسر النبي r هذا الاقتداء بقوله في رواية البخاري " فلا تختلفوا عليه " لان الإمام إنما جعل ليقتدى به فلا يجوز للمأموم أن يركع قبل ركوعه ولا أن يسجد قبل سجوده لأن هذا اختلاف على الإمام.
وعند أبي داود " فإذا كبر فكبروا " لا يفيد هذا مقارنة تكبير المأموم للإمام لأنه يتعين على المأموم ألا يكبر حتى يفرغ الإمام من تكبيره وذلك لحديث البراء في الصحيحين " لا يحني أحد منا ظهره حتى يقع النبي r ساجداً " فلا ينتقل المأموم من ركن إلى ركن حتى يتمكن الإمام من الركن فإذا تمكن الإمام من الركن شرع متابعته لذلك قال رسول الله r " ولا تكبروا حتى يكبر " حتى هنا بمعنى "إلى أن " أي إلى أن يكبر ويفرغ من التكبير.
واحتج بهذا الحديث الحنابلة على وجوب التكبير وهذا الاستدلال صحيح ويصلح هذا الحديث حجة على وجوب رفع الصوت بالتكبير لأن النبي r علق المأموم بالإمام فقال " فإذا كبر فكبروا " وإذا لم يرفع صوته كيف يكبر المأموم وما يدريهم أنه كبر، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، لا يمكن متابعة المأموم للإمام إلا إذا جهر الإمام بالتكبير، فدل هذا على وجوب جهر الإمام بالتكبير حتى يتابعه من هو خلفه.
أما جمهور العلماء من أئمة المذاهب وغيرهم فقد ذهبوا الى استحباب التكبير فضلاًَ عن الجهر به ولا حجة لهم بذلك والحق وجوب التكبير ووجوب رفع الصوت به بقدر ما يسمع من هو خلفه.
قوله " وإذا ركع فاركعوا ولا تركعوا حتى يركع":
المعنى إذا ركع الإمام وتمكن في ركوعه فاركعوا ولا تسبقوه بالركوع فإن هذا ينافي الإئتمام والاقتداء.
وفي هذا دليل على وجوب الركوع وقد قال تعالى " واركعوا مع الراكعين ".
قوله " وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد ":
في هذا دليل على أن المأموم يقتصر على التحميد دون التسميع فإن قال قائل أن ظاهر الحديث يقتضي اقتصار الإمام على التسميع دون التحميد والإجابة يقال جاءت أحاديث أخرى مبينة أن الإمام يجمع بين التسميع والتحميد منها حديث سالم عن ابن عمر أن النبي r قال بعدما رفع رأسه من الركوع " سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد اللهم العن فلاناً وفلاناً إلى آخره " رواه البخاري فقد جمع الإمام بين التسميع والتحميد وقد ذهب بعض الفقهاء إلى مشروعية جمع المأموم بين التسميع والتحميد لحديث مالك بن الحويرث أن النبي r قال" صلوا كما رأيتموني أصلي " وفي هذا نظر فحديث الباب ظاهره اقتصار المأموم على التحميد أما حديث صلوا كما رأيتموني أصلي"، فمجمل يفسره حديث الباب والأحاديث تبين بعضها بعضاً.
والى عدم مشروعية الجمع بين التسميع والتحميد في حق المأموم ذهب الإمام أحمد رحمه الله وهو الحق.
قوله " فقولوا ربنا لك الحمد ":
تقدمت بعض الروايات منها " ربنا لك الحمد " هذه الرواية الأولى.
الرواية الثانية " ربنا ولك الحمد " هذه جاءت في حديث ابن عمر أيضاً والرواية الثالثة " اللهم ربنا لك الحمد " والرواية الرابعة " اللهم ربنا ولك الحمد " هذه الرواية جاءت في صحيح البخاري من طرق.
والمستحب للمأموم أن يقول هذا تارة وهذا تارة ولا يقتصر على نوع معين.
¥