قوله " وإذا سجد فاسجدوا ":
أي فلا تسجدوا حتى يسجد لأن مسابقة الإمام محرمة والمشروع للمأموم ألا يتحرك بالإنتقال من ركن إلى ركن حتى يتمكن الإمام من الركن ويطمئن به لعموم حديث البراء السابق " لا يحني أحد منا ظهره حتى يقع النبي r ساجداً ".
قوله " وإذا صلى قائماً فصلوا قياماً وإذا صلى قاعداً فصلوا قعوداً أجمعين ":
سيأتي إن شاء الله الكلام على هذه المسألة وأكثر الروايات في هذا الحديث جاءت برفع أجمعون قد تقدم توجيه النصب وأن اللفظة منصوبة على الحال وأما الرفع فهو الأصل تأكيداً للواو أي واو الجماعة.
396 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ اَلْخُدْرِيِّ t { أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ r رَأَى فِي أَصْحَابِهِ تَأَخُّرًا. فَقَالَ: "تَقَدَّمُوا فَائْتَمُّوا بِي, وَلْيَأْتَمَّ بِكُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ"} رَوَاهُ مُسْلِم ٌ ()
(الشرح):
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي r رأى في أصحابه تأخراً فقال " تقدموا فائتموا بي، وليأتم بكم من بعدكم ".
قال الإمام مسلم رحمه الله حدثنا شيبان بن فروخ قال أخبرنا أبو الأشهب عن أبي نظرة عن أبي سعيد عن النبي r به.
فيه زيادة عند مسلم ولا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله".
ورواه أبو داود في سننه من طريق عكرمة بن عمار عن يحي بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبدالرحمن عن عائشة مرفوعاًَ ولفظه " لا يزال قوم يتأخرون عن الصف الأول حتى يؤخرهم الله في النار".
وفي سنده مقال، قد ذكر الإمام احمد كما في العلل أن رواية عكرمة بن عمار عن يحي بن أبي كثير مضطربة.
قيل يا أحمد أمن عكرمه أم من يحي قال لا بل من عكرمة وعكرمة صدوق من رجال مسلم ولكن إذا روى عن يحي اضطرب في الحديث.
قوله r " تقدموا فائتموا بي ":
يفهم من الحديث مشروعية قرب الصف الأول من الإمام.
قوله " فائتموا بي":
فيه أن المأموم يقتدي بالإمام.
وفي تقدم المأموم خلف الإمام فوائد منها: أنه ينوب عنه إذا عرض عارض ومنها أنه ينبهه إذا سهى ومنها أن المأموم يقتدي بصلاة إمامه ويستفيد من فقهه.
قوله " وليأتم بكم من بعدكم ":
احتج بهذا اللفظ بعض الفقهاء على جواز اقتداء أهل الصفوف المتأخرة بالصفوف المتقدمة وإن لم يروا الإمام وظاهر الحديث يدل على هذا الاستنباط وهذا الاستنباط جيد مفيد تحتاج إليه في أوقات الزحام، ولذلك قال بعض الفقهاء ويكفي سماع صوت الإمام أو يقال رؤية من يقتدي بالإمام أو من يقتدي بمن يقتدي بالإمام لاهل الصفوف المتأخرة.
قوله " ولا يزال قوم يتأخرون ":
هذا اللفظ لمسلم ويحتمل احتمالين:
يحتمل أن يكون المعنى ولا يزال قوم بتأخرون عن الصلاة حتى يؤخرهم الله.
ويحتمل أن يكون المعنى ولا يزال قوم يتأخرون عن الصف الأول وهذا لفظ أبي داود، وقد جاءت أحاديث صحيحة عن النبي r في فضل التقدم إلى الصف الأول منها ما رواه أحمد والنسائي عن البراء أن النبي r قال " إن الله وملائكته يصلون على الصفوف الأولى.
ومنها حديث العرباض بن سارية عند النسائي أن النبي r صلى على الصف الأول ثلاثة وعلى الثاني واحدة.
ومنها ما رواه مسلم في صحيحه عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي r قال " خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها الحديث.
ومنها ما رواه الشيخان في صحيحيهما من طريق مالك عن سمي مولى أبي بكر بن عبدالرحمن عن أبي صالح عن أبي هريرة أن النبي r قال " لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليهما لاستهموا ".
فيؤخذ من ذلك أيضاً فضيلة المبادرة إلى المساجد لأنه لا يحصل التقدم إلا بالمبادرة خصوصاً في المساجد التي تكثر جماعتها.
ويؤخذ من ذلك أن شر صفوف الرجال آخرها لأن المتأخرين في الغالب يغلب عليهم الكسل ويغلب عليهم قلة الاهتمام بالصلاة. والله أعلم.
397 - وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ t قَالَ: {اِحْتَجَرَ رَسُولُ اَللَّهِ r حُجْرَةً بِخَصَفَةٍ, فَصَلَّى فِيهَا, فَتَتَبَّعَ إِلَيْهِ رِجَالٌ, وَجَاءُوا يُصَلُّونَ بِصَلَاتِهِ ... } اَلْحَدِيثَ, وَفِيهِ: {أَفْضَلُ صَلَاةِ اَلْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا اَلْمَكْتُوبَةَ} مُتَّفَقٌ عَلَيْه ِ ().
(الشرح):
قال المؤلف رحمه الله تعالى
¥