وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: احتجر رسول الله r حجرة مخصفة فصلى فيها فتتبع إليه رجال وجاءوا يصلون بصلاته. الحديث وفيه " أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة " متفق عليه.
قال البخاري حدثنا عبدالأعلى بن حماد قال أخبرنا وهيب قال حدثنا موسى بن عقبة عن سالم أبي النظر عن بسر بن سعيد عن زيد بن ثابت به.
ورواه مسلم من طريق عبدالله بن سعيد عن سالم أبي النظر عن يسر بن
سعيد عن زيد بن ثابت به.
فقوله " احتجر ":
أي جعل شيئاً حائلاً بينه وبين أصحابه، ففيه جواز فعل مثل هذا في المسجد بشرط ألا يضر بالمصلين فإن كان الإحتجار يضر بالمصلين منع منه لان المسجد لا يختص به واحد دون الآخر بل هو مشترك بين جميع المسلمين.
قوله " فتتبع أقوام يصلون بصلاته":
في هذا دليل على جواز إقامة الجماعة نافلة وهذا الأمر كان هو مبدأ صلاة التراويح إلا أن النبي r قام ليلة وليلتين ثم ترك ذلك خشية أن تفرض عليهم وقد اختلف الفقهاء في جواز النافلة جماعة في النهار فمن العلماء من قال أن الجماعة في النهار لا تشرع وأصحاب هذا القول قالوا أن النبي r لم يصل بأصحابه جماعة في النهار ولأن الجماعة في النوافل إنما شرعت في قضايا معينة كالتراويح والكسوف والاستسقاء والعيدين.
القول الثاني في المسألة: أن الجماعة مشروعة في النهار في بعض الأحيان ما لم تتخذ عادة فتكون بدعة وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، ويدل على قوله حديث عتبان في الصحيحين وحديث أنس في الصحيحين وهي صريحة في جواز إقامة جماعة في صلاة النافلة وهذا الأمر وقع نهاراً فلا مانع من أداء صلاة الضحى جماعة ما لم يتخذ هذا الفعل عادة لأن النبي r صلى في بيت عتبان جماعة وصلى في بيت أم سليم جماعة وأما قول أصحاب القول الأول بان النبي r ما فعل ذلك فهذا فيه نظر فحديث عتبان صريح في المسألة يتبعه حديث أنس إلا أن الحق يقال أن الرسول لم يتخذ هذا عادة بل فعل هذا في بعض الأحيان وفي الحديث أيضاً دليل على شفقة الرسول r على أمته لأن الرسول r ترك القيام بهم خشية أن يفرض عليهم وفي الحديث دليل على عدم اشتراط النية في الإمام أو إلى جواز عدم النية للإمام لان الرسول صلى منفرداً ودخل في الصلاة منفرداً فعلم أصحابه به فصلوا معه جماعة فمن صلى منفرداً ودخل معه أناس يأتمون به فلا مانع أن يكون إماماً لهم.
وفيه حرص الصحابة رضي الله عنهم على قيام الليل مع النبي صلى الله عليه وسلم
قوله " أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة ":
هذا محله فيما لا تشرع به الجماعة وفيما يشترك أداءه في البيت وفي المسجد كقيام الليل وصلاة الضحى والسنن الرواتب، أما ما تشرع له الجماعة فالأولى صلاته في المسجد كصلاة الكسوف والخسوف وصلاة العيدين عند تعذر أداءها في الصحراء.
واختلف العلماء في صلاة التراويح:
ذهب بعض أهل العلم إلى أن أداءها في البيت أفضل واستدل أصحاب هذا القول بأن عمر رضي الله عنه كان يدخل المسجد والصحابة يصلون التراويح ويقول: والتي تنامون عنها أفضل. رواه مالك في الموطأ بسند صحيح.
قالوا فهذا أمير المؤمنين لم يكن يصلي التراويح مع الصحابة في المسجد.
القول الثاني: أن صلاة التراويح مشروعة في المساجد لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى أولاً في المسجد ولم يمنعه من إتمام هذا الأمر إلا خشية أن تفرض عليهم وأيضاً لو كان فعلها في البيت أفضل لما أطبق الصحابة على فعلها في المسجد وأقرهم عمر على ذلك وأما كون عمر لم يصل معهم فلعله رضي الله عنه لا يقصد أن أداءها في البيت أفضل وإنما قال والتي تنامون عنها أفضل،لم يقل وأداءها في البيت أفضل فرأى عمر رضي الله عنه أن صلاة التراويح آخر الليل أفضل من أولها فهذا هو المانع من عدم صلاته معهم فالحق في صلاة التراويح أن أداءها في المسجد أفضل لكي يشهدها أكثر الناس ولكي يعين بعضهم بعضاً ولكي يستمع القران من لا يقرأه وفي صلاة التراويح جماعة في المسجد فوائد كثيرة ومصالح متعددة من والوعظ والتذكير واستماع القران وحضور دعاء المسلمين ونحو ذلك من الفوائد.
¥