ثانيا ً: أن أصحابه كانوا أهل نواضح يعملون جميع النهار فينتظرون أداء الصلاة حتى يناموا فيأتي معاذ فيقرأ فيهم بالبقرة مثل هذا يشق جداً فالنبي حين أمر معاذاًَ بالتخفيف لهذا الغرض وإلا فقد روى النسائي بسند صحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بالتخفيف ويؤمنا بالصافات " هذا هو التخفيف عند رسول الله يأمرهم بالتخفيف ويؤمهم بالصافات.
ولذلك على الإمام أن يراعي أحوال المأمومين دون تخفيف يخل بالصلاة ودون تطويل يورث الملل والسآمة على المأمومين.
وفي الحديث إرشاد الرسول صلى الله عليه وسلم بما يقرأ به معاذ فأمره أن يقرأ الشمس وضحاها والعلق والأعلى والليل إذا يغشى وذكر النبي صلى الله عليه وسلم ليس تحديداً إنما هو للتقريب.
وفي الحديث دليل أيضاً على الإنكار على من يشق على المأمومين وفي الحديث دليل على جواز ترك صلاة الجماعة لعذر وأما لغير عذر فقد تقدم الكلام عنه.
وفي الحديث دليل على أن التخلف عن صلاة الجماعة من صفات المنافقين لان معاذاً أطلق على هذا الرجل عندما تخلف عن صلاة الجماعة لفظ النفاق لأن التخلف عنها لا يعرف إلا عن المنافقين، وذلك لحديث أبي الأحوص في مسلم عن ابن مسعود قال " وقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق ". والله أعلم.
399 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا فِي قِصَّةِ صَلَاةِ رَسُولِ اَللَّهِ r بِالنَّاسِ, وَهُوَ مَرِيضٌ - قَالَتْ: {فَجَاءَ حَتَّى جَلَسَ عَنْ يَسَارِ أَبِي بَكْرٍ, فَكَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ جَالِسًا وَأَبُو بَكْرٍ قَائِمًا, يَقْتَدِي أَبُو بَكْرٍ بِصَلَاةِ اَلنَّبِيِّ r وَيَقْتَدِي اَلنَّاسُ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ} مُتَّفَقٌ عَلَيْه ِ ().
(الشرح):
وعن عائشة رضي الله عنها في قصة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس وهو مريض، قالت: فجاء حتى جلس عن يسار أبي بكر، فكان يصلي بالناس جالساً وأبو بكر قائماً، يقتدي أبو بكر بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم ويقتدي الناس بصلاة أبي بكر ".
هذا الخبر متفق على صحته.
قال البخاري حدثنا قتيبة بن سعيد قال أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها.
وقد أورده البخاري في مواضع مطولاً ومختصراً.
ورواه مسلم رحمه الله من طريق زائدة قال حدثنا موسى ين أبي عائشة عن عبيدالله بن عبدالله عن عائشة بنحوه.
والحديث فيه فوائد كثيرة منها:
1 - صلاة رسول الله في المسجد مع ما هو عليه من شدة المرض.
2 - صلاته صلى الله عليه وسلم جالساً وقد احتج بهذا بعض الفقهاء على جواز صلاة الإمام جالساً والناس قياماً لان النبي صلى الله عليه وسلم حينئذ هو الإمام فكان يصلي جالساً وأبو بكر يقتدي برسول الله يصلي قائماً وهذه المسألة فيها ثلاثة مذاهب لاهل العلم:
المذهب الأول: أن الإمام إذا صلى جالساً يصلي من خلفه قائماً.
وأصحاب هذا القول قالوا أن القيام للصلاة فرض من فروضها فإذا سقط عن الإمام سقط عن المأموم إلا بعذر وفي حديث عمران في البخاري " صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً "، واستدل أصحاب هذا القول أيضاً بحديث الباب.
القول الثاني: أن الإمام إذا صلى جالساً يجب الصلاة بصلاته سواء كان من أول الصلاة أو بأثنائها.
واستدلوا أصحاب هذا القول بحديث أنس في الصحيحين " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إنما جعل الإمام ليؤتم به ".
وحقيقة الائتمان متابعته فإن صلى قائماً تصلي قائماً وإذا صلى قاعداً تصلي قاعداً.
واستدلوا أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم حين صلى قاعداً وقام من خلفه أشار إليهم أن اجلسوا.
قالوا وهذا دليل على أن من صلى جالساً يجب الصلاة بصلاته وقالوا عن الحديث بأنه منسوخ، وقال بعضهم بأن أبا بكر هو الإمام.
القول الثالث: التفصيل وإليه ذهب الإمام احمد رحمه الله فإن افتتح الإمام الصلاة جالساً وجب على المأمومين الجلوس معه وإن افتتح الصلاة قائماً ثم اعتل في أثنائها وجلس وجب على المأمومين القيام دون الجلوس، وهذا التفصيل مبني على أن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الباب افتتح الصلاة قائماً ثم جلس وهذا تفصيل يجمع بين القولين السابقين.
¥