تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

في هذا دليل على صحة إمامة الصبي الذي لم يبلغ وإليه ذهب جمع من أهل العلم وهو مذهب أكثر المحدثين إلا أن الإمام أحمد رحمه الله لم يأخذ بهذا الحديث والسبب في ذلك أنه اعتذر عن الأخذ به لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يطلع على إمامته وتعقبه الحافظ في فتح الباري أن إمامته وقعت في زمن التشريع فلو كانت غلطاً لنزل القرآن لبيان ذلك، فقد قال جابر: "كنا نعزل والقرآن ينزل " أي فلو كان شيء ينهى عنه لنهى عن القرآن واستدل جابر على جواز العزل أنهم كانوا يعزلون بعصر النبي صلى الله عليه وسلم ولم يأت قرآن بالنهي عن ذلك.

وأيضاً يجاب عن هذا بأن يقال من المحال أن يصلي الصحابة خلف عمرو بن سلمة وهم يعلمون غلط هذا الفعل فهذا أمر قد أشتهر في العصر النبوي واستفاظ لأن عمرو بن سلمة كان يؤم قومه في جميع المجامع وفي جميع الأحوال ولم ينكر ذلك منكر فصار كالإجماع بينهم فعلى ذلك لا عذر لأحد بالعمل على ما دل عليه الخبر وإذا صحت إمامة الصبي صحت مصافته من باب أولى وإنما يشترط في ذلك أن يكون متقناً للوضوء قارئ للقران عارفاً بأحكام صلاته فهذا كله متوفر بعمرو بن سلمة فقد قال فقهاء الحنابلة تصح إمامة الصبي في النفل دون الفرض والإجابة عن ذلك أن يقال وأي فرق بين النفل والفرض فمن صحت إمامته بالنفل صحت إمامته بالفرض على القول الراجح إذ لا فرق بين الأمرين.

402 - وَعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ t قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ r { يَؤُمُّ اَلْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اَللَّهِ, فَإِنْ كَانُوا فِي اَلْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ, فَإِنْ كَانُوا فِي اَلسُّنَّةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً, فَإِنْ كَانُوا فِي اَلْهِجْرَةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ سِلْمًا -وَفِي رِوَايَةٍ: سِنًّا- وَلَا يَؤُمَّنَّ اَلرَّجُلُ اَلرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ, وَلَا يَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ".} رَوَاهُ مُسْلِم ٌ ().

(الشرح):

وعن ابي مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلماً وفي رواية سنا ولا يؤم الرجل الرجل في سلطانه، ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه.

وقع في بعض النسخ عن ابن مسعود وهذا غلط مطبعي صوابه عن أبى مسعود الأنصاري والحديث خرجه مسلم رحمه الله في صحيحه فقال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا أبو خالد الأحمر عن الأعمش عن إسماعيل بن رجاء عن أوس بن ضمعج عن أبي مسعود الأنصاري.

ورواه الإمام احمد وأبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه كلهم من طريق اسماعيل عن أوس بن ضمعج به.

قوله " يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله "

ظاهر الحديث أن الأقرأ يقدم على الأفقه وهذا هو الحق الذي دلت عليه السنة إلا أنه يشترط لذلك أن يكون الأقرأ عالماً بأحكام صلاته إذ لا يمكن تقديم الجاهل يصلي بالمسلين، فإن كانوا بالقراءة سواء يقدم أعلمهم بالسنة، والمراد بذلك الأفقه الذي يفقه أحكام دينه من صلاة وصوم وحج وما يتعلق بالمعاملات، فإن كانوا بالسنة سواء يقدم أقدمهم هجرة في هذا دليل على فضل الهجرة وهي الانتقال من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام وهي باقية إلى أن تقوم الساعة وأما حديث " لا هجرة بعد الفتح " فالمراد لا هجرة من مكة إلى المدينة لأن مكة صارت بلاداً إسلامية بعدما كانت معقلاً من معاقل الوثنية وفي هذا دليل على فضل السبق في الإسلام وأن السابق إلى الخير يقدم على غيره فإن كانوا بالهجرة سواء يقدم أكبرهم سناً لانه أكثر طاعة لله فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " كبر كبر " فللكبير حق كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا فليس منا ".

ثم قال صلى الله عليه وسلم " ولا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه"

والسلطان يشمل الولاية العظمى ويشمل ما دونها فلا يجوز للرجل أن يؤم الناس بحضرة وجود السلطان لأنه أحق بالإمامة إلا إن أذن له فلا مانع من التقدم وكذلك لا يحق للرجل أن يؤم الناس في بيت غيره لأن صاحب البيت أحق بالإمامة إلا إذا أذن.

قوله " ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه"

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير