فإذا أذن فلا مانع من ذلك والمراد بالتكرمة صدر المجلس فلا يجلس المرء في صدر المجلس إلا إذا أذن له صاحب البيت وإذا لم يؤذن له فيجلس في غير ذلك ولذلك فالأولى للمرء إذا دخل المجالس إلا يجلس في صدرها إلا إن أمروه بذلك أو أذنوا له.
403 - وَلِابْنِ مَاجَهْ: مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ: {وَلَا تَؤُمَّنَّ اِمْرَأَةٌ رَجُلًا, وَلَا أَعْرَابِيٌّ مُهَاجِرًا, وَلَا فَاجِرٌ مُؤْمِنًا.} وَإِسْنَادُهُ وَاه ٍ ().
(الشرح):
قوله: ولابن ماجة من حديث جابر " ولا تؤمن إمرأة رجلاٌ ولا أعرابي مهاجراً ولا فاجراً مؤمناً "
هذا الحديث رواه العقيلي في الضعفاء وابن عدي في الكامل والبيهقي كلهم من طريق عبدالله بن محمد العدوي عن علي بن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيب عن جابر بن عبدالله والعدوي متروك الحديث اتهمه الإمام وكيع بالوضع،وعلي بن زيد بن جدعان ضعيف الحديث أيضاً.
قوله " ولا تؤمن إمرأة رجلاً ":
هذا الحق وسيأتي بحث هذه المسألة إن شاء الله على حديث إم ورقة.
قوله " ولا أعرابي مهاجراً ":
لأن المهاجر أفضل من الإعرابي فقد تقدم قول الرسول صلى الله عليه وسلم " فأقدمهم هجرة " فللهجرة فضل لأنه يغلب على الأعرب الجفاء البعد عن معالم الدين أما إذا وجد أعرابي يقرأ القران ومهاجر لا يقرأ القران فيقدم الأعرابي.
قوله " ولا فاجراً مؤمناً ":
لأنه لا بد في الإمامة من التقى والورع إلا أن بعض العلماء يرى تقديم الأقرأ ولو كان فاسقاً على الأتقى العامي الذي لا يقرأ شيئاً من القرآن وهذا ظاهر الأحاديث.
ولكن إذا وجد تقي ضابط لفاتحة القران مع فاسق، ظاهر النصوص يقدم التقي لأن الرسول صلى الله عليه وسلم منع الرجل الذي بصق في القبلة أن يصلي بهم مع أنه أقرأهم إذ كيف يقدم لو لم يكن أقرأ في العهد النبوي فقال له رسول الله "إنك آذيت الله ورسوله"، فعلم أن الإمامة لا بد لها من الديانة ومن الورع ومن التقى إلا أنه لا يلزم من هذا بطلان صلاة الفاسق ولكن إذا وجد من هو أتقى منه ينبغي أن يقدم وينبغي على المسلم أن يتورع عن الصلاة خلف الفسقة ويذهب باحثاً عن الأتقى فالصلاة خلفهم فيه خير ويشعر المأموم بالطمأنينة خلف الأتقياء ما لا يشعر خلف الفساق وأذناب أعداء الدين.
وعلى كل فحديث الباب متروك، وسيأتي إن شاء الله ما يتعلق ببعض مباحثه ونتكلم عليه.
والعلم عند الله.
404 - وَعَنْ أَنَسٍ, عَنْ اَلنَّبِيِّ r قَالَ: {رُصُّوا صُفُوفَكُمْ, وَقَارِبُوا بَيْنَهَا, وَحَاذُوا بِالْأَعْنَاقِ.} رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ, وَالنَّسَائِيُّ, وَصَحَّحَهُ اِبْنُ حِبَّانَ. ().
(الشرح):
وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال" رصوا صفوفكم وقاربوا بينها وحاذوا بين الأعناق ".
هذا الأثر رواه الو داود في سننه من طريق مسلم بن إبراهيم الفراهيدي قال حدثنا أبان بن يزيد العطار قال حدثنا قتادة بن دعامة عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ورواه الإمام النسائي من طريق أبي هشام قال حدثنا أبان فذكره.
ورواه ابن حبان في صحيحه من طريق مسلم بن ابراهيم قال حدثنا أبان وشعبة كلاهما عن قتادة به.
ورواه الإمام احمد رحمه الله من طريق أبان وصححه الإمام ابن خزيمة.
وفي الباب حديث أنس في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " تراصوا فإني أراكم من ورائي كما أراكم من أمامي فكان الرجل يلزق كعبه بكعب صاحبه ومنكبه بمنكب صاحبه".
والحديث دليل على مشروعية التراص في الصف وقد حمله الإمام ابن حزم رحمه الله على الإيجاب ولأن الأصل في صيغ الأمر الوجوب والرسول صلى الله عليه وسلم يقول " رصوا صفوفكم " ولفظ الصحيحين " تراصوا " وهاتان الصيغتان من صيغ العموم عند أهل العلم إلا أن جماهير العلماء ومنهم الأئمة الأربعة حملوا هذا على الندب وقالوا باستحباب التراص ومساواة الصفوف لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال " سووا صفوفكم فإن تسوية الصفوف من تمام الصلاة " متفق عليه من حديث أنس.
قالوا وحسن الشيء زيادة على تمامه فدل هذا على أن تسوية الصفوف مستحبة غير واجبة.
وفي هذا نظر فمفهوم حديث أنس " فإن تسوية الصفوف من تمام الصلاة " أن الذي لا يسوي صفه فصلاته ناقصة وهذا يدل على وجوب تسوية الصفوف كما ذهب إلى ذلك الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه.
¥