قلت: والتحقيق أن أحمد إمام في الحديث والفقه معاً وإن كان غلب عليه الأثر لشدة تعلقه بآثار الحبيب المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه، وقد شهد له بالفقه والإمامة فيه شيخه الشافعي، رحمة الله عليهم أجمعين.
وممّا يجدر ذكره أن ابن حزم كان أديباً شاعراً من الطبقة الأولى، ويظهر ذلك من أسلوبه الماتع في مناقشته لأئمة العلم ومن مصطلحاته المنتقاة.
قال جدي، بارك الله فيه: >.
وقال: >.
2 - فقه المحلى
قال العلامة محمد أبو زهرة، رحمه الله تعالى:
>.
قلت: وخالفهم في مسائل في الصلاة، ومنها أنه يبطلها بكل ما هو منهي عنه وإن لم يكن منها، وكذا الصيام والحج عنده يفسدان بالذنوب مطلقاً إن تعمدها صاحبها.
والمرأة عنده تصلي في الجماعة كالرجل ولها مثل أجره.
والحج عند ابن حزم مختلف في مفسداته عند الجمهور، وعنده أمور أخرى لا تفسد الحج ولا توجب فدية كقص الشعر والأظافر.
والزكاة عنده واجبة في أصناف معدودة من الزروع وهي ثلاثة: التمر والحنطة والشعير لا غير، وكذلك الربا لا يكون إلا في الأصناف الستة المنصوص عليها.
وعند ابن حزم لا يطلق أحد من أحد، فلا يملك القاضي تطليق زوجة من زوجها إلا إذا صرح زوجها بطلاقها، ولو توصلنا إلى ذلك بضربه حتى الموت ?
وعنده يجوز الزواج من الربيبة إذا لم تكن في حجر الرجل، ويحشد على ذلك أدلة من المنقول والمأثور.
وعنده أن النكاح لا يفسخ بالعيوب بحال.
وعنده أن الاحتياط في الفروج كما يكون بترك النكاح على حاله فإنه يكون بفسخه لأن في كليهما تحليل فرج حرام لمن يحرم عليه وتحريمه ممن يستحقه. ثم إن الطلاق في مرض الموت عنده واقع ولا ولا يعتبر ما يذكره غيره من المعاملة بالضد وتوريث الزوجة على ذلك.
وفي المواريث له اختيارات عديدة خالف فيها الجمهور، ومنها إنكاره للعول، ووجوب إعطاء الأقارب واليتامى عند القسمة.
أقول: وفي "المحلى" جملة وافرة مباركة من فقه آل البيت، عليهم السلام وفقه الصحابة والتابعين، وفقه أصحاب المذاهب المنقرضة والأئمة المجتهدين إلى عصر ابن حزم.
ولم يذكر في "المحلى" إلا مذهب مجتهد، أمّا من لم يخرج عن قول إمامه فإنه لا يعتد به ولا يدرجه في العلماء.
وكذلك اهتم ابن حزم في "المحلى" بذكر أقوال الأئمة الأربعة، وناقشهم بحجج قوية. قال جدي، سلّمه الله تعالى: >.
قال: