تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

12 - العقل المحض، لا يملك إثبات الأحكام ابتداءً، لأن دلالته مقصورة هنا على "العدَم الأصلي" أو البراءة من التكاليف، قبل ورود الشرع، ومع ذلك، فإن للعقل مَدخلاً دلالياً في تجاوز مقتضى أصل الإباحة، أو الحل العام، إلى إيجاب أمر ثبت بمقتضى حكم العقل العلمي المتخصص، أنّ فيه نفعاً عظيماً، وكذلك للعقل حكم بالمنع أيضاً في كل أمر يثبت بمقتضاه، أن فيه ضرراً كبيراً، بيِّناً، وان لم يرد في الشرع دليل خاص به، من نصٍّ أو إجماع، أو قياس، لأن فهم نفس الشرع، وروحِهِ العام، يوجب ذلك، ومردُّ هذا –فيما نعتقد –إلى استلهام القواعد العامة في التشريع، ومقاصده الأساسية.

13 - الأصوليون يقررون في مصنَّفاتهم، أن "البراءة الأصليَّة" أو "العَدَم الأصلي" حكمّ عقليٌّ محض، وهو سابقٌ على ورود الشرع به، ومع ذلك يدرجونه في أنواع الاستصحاب!!

14 - الأمثلة التطبيقية لاستمرار العدم الأصلي، أو البراءة الأصلية، بحكم العقل.

15 - هل الحكم الثابت بالإجماع، أو القياس، محلٌّ للاستصحاب؟؟.

16 - الحكم الثابت عن طريق القياس، في الفرع المقيس، ليس محلاًّ للاستصحاب في ذاته، لأن الفرع تبعٌ للأصل، فإذا كان أصله محلاًّ للاستصحاب، كان الفرع محلاًّ له، تبعاً لذلك، وإلا فلا.

...

هَل قوّة اسْتمرَار الحكم السّابق ثابتة بالاستِصحاب شرعاً أو عقلاً؟

مقدمة:

لم تتفق كلمة الأصوليين والفقهاء على "مفهوم موحَّد" "للاستصحاب" ولا على "أنواعه" التي يتحقق فيها مناطُه، ولا على مدى "حجيته" في الاستدلال الأصولي، من حيث كونه خطَّة منهجية علمية، ينبغي أن يلتزمها المجتهد، ويعمل بما تؤدي إليه من أحكام، حين لا يظفر المجتهد من الكتاب، أو السنة، أو الإجماع، أو القياس –بعد البحث والتحري –بما يغطي به الحالة، أو الحادثة المعروضة التي ثَبَتَ لها حكم سابق في الماضي، ولا يُدرى طروءُ دليل مغيِّر لها في الحاضر، على الرغم من مرور الزمن، حتى إذا أعيا المجتهدَ البحثُ عن الدليل المغيِّر، فلم يجده، لجأ حينئذ إلى "الاستصحاب" على أنه آخر الأدلة، أو على حد تعبير الأصوليين: "آخر مدار الفتوى" (1)

وعلى هذا، فقد تبين لك، أن شرط اللجوء إلى الاستدلال بالاستصحاب أصولياً، عن القائلين بحجيته، هو البحث عن الدليل المغيِّر لحكم الحادثة المعروضة الذي ثبت لها في الماضي، وعدم إمكان العثور عليه، أو وجدانه، فيحصل لدى المجتهد –بعد البحث والاستقصاء في المصادر التشريعية الأربعة المعروفة من الكتاب، أو السنة، أو الإجماع، أو القياس، ولم يظفر بأي دليل مغيِّر –أقول يحصل لديه عندئذ ظنٌ بعدم الدليل، والظن بعدم الدليل المغيِّر أو المزيل، يستلزم النقيض، وهو الظن بالبقاء والاستمرار للحكم السابق، وهذا المَلحَظُ هو الذي ينبغي أن يؤخذ في الاعتبار، إبَّان الاستدلال على مدى حجية الاستصحاب عند الأصوليين، على ما سيأتي تفصيله.

ونودُّ أن نشير هنا. إلى أن الظنَّ بالعدم (2) –ثمرةً للبحث والتحري، مما يستلزم الظن بالبقاء والاستمرار –ينزّل منزلة "العلم"، لأن "العلم" أو "الإدراك" مفهوم عامٌ يندرج فيه كلُّ من "اليقين" و الظن القوي" فكان الظن أو الإدراك القوي "علماً" أو بمنزلة "العلم" وهذا كاف في حجية الاستدلال في إثبات الأحكام في المعاملات، إجماعاً، على ما سيأتي بيانه في بحث "مدى حجيَّته".

هذا، وإذا كان البحث أو التحري، شرطاً مجمعاً عليه، من أجل الظفر بالدليل المغيِّر، فلا يجوز الاستدلال بالاستصحاب على حكم الوقائع المعروضة، قبل هذا (3)، لفقدان شرط العمل به، والشيء لا يوجد بدون شرطه، بل لا يصح، لأن "حكمة" هذا الشرط، هي جعل "الاستصحاب" آخر المطاف، فأي دليل من المصادر التشريعية المعروفة، يعثر عليه، يقدَّم عليه إذا عارض الحكم السابق،، لأن إرادة الشارع حينئذ اتجهت إلى تغيير ما كان ثابتاً قبلاً، فيرجَّح الدليل المغيَّر الطارئ على الدليل السابق الثابت في الماضي، سواء أكان عقلياً أم شرعياً، على ما نفصِّل القول فيه في مقامه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير