تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكنا نظن أن كاتبًا شهيرًا قد تصدى لكتابة سلسلة مقالات في التاريخ والشرقيين في أشهر المجلات الإنكليزية في الهند وعرضها على علماء الشرق والغرب يربأ بنفسه أن يرتكب الخلط والخبط والكذب البحت، ولكن أبى الله إلا أن يفضح هذا الأديب الكبير ليعلم مطايا الإفرنج ومقلدوهم أن أدباءهم ليسوا معصومين كما يزعمون من الوهم والغلط والجهل والكذب، بل ربما فاقوا غيرهم في ذلك، وسترى في الرد على مقاله ما يجلو كل شك ويلاشي كل ريب.< o:p>

ومن العجيب أن الأديب " كرهام " جعل من خالد خالدَيْنِ، ولرجل واحد صورتين، فالصورة الأولى التي تقدم الكلام عليها تخالف تمامًا صورة خالد التي نشر تحتها ترجمة خالد بن الوليد وأعماله وسيرته في المجلة نفسها، في جزء 8 أكتوبر 1933 فخالد الأول مستطيل الوجه مائل إلى الاستدارة، ذو لحية مقصوصة قصًّا غير بليغ؛ وأما الثاني فإن وجهه صغير مخروطي، وملامحه مخالفة أشد المخالفة لملامح الأول، ذو لحية فرنسية مخروطية منهوكة بلا عارضين، فهكذا يكون التخبط، وإلا فلا.< o:p>

* * * الرد على مقاله ومناقشته الحساب (1) زعم الكاتب الكاذب أن ليلى بنت الجودي الغسانية كانت زوجًا لمالك بن نويرة ثم تزوجها خالد بن الوليد ثم تعشقها وغنى بحبها عبد الرحمن - يعني ابن أبي بكر الصديق - ومازال ملحًّا في طلبها إلى أن ظفر بها أخيرًا، ففتن بها حتى أعرض عن نسائه وسراريه وجعلها سيدة البيت، ثم لم يلبث أن هجرها وفارقها فرجعت إلى بيت والدها بدمشق، وقضت بقية حياتها فيه، هذا ملخص قصة ليلى بزعمه.< o:p>

أقول: وهذا كذب محض، وجهل فاضح؛ فإن ليلى بنت الجودي لم يتزوج بها مالك بن نويرة، وكيف يتزوج بها وهو من أهل اليمامة في قلب جزيرة العرب وكان وثنيًّا مشركًا، وليلى بنت الجودي نصرانية، وأبوها أحد رؤساء النصرانية في دمشق.< o:p>

وامرأة مالك بن نويرة التي تزوجها خالد بعد قتل زوجها اسمها أم تميم بنت المنهال، لم يتعشقها عبد الرحمن، ولم يتغن بحبها ولا تزوجها.< o:p>

وقد التبس الأمر على هذا الكاتب المسكين لفقره في الأدب الشرقي، فمزج امرأتين وعجنهما وجعلهما شيئًا واحدًا لحول في عين بصيرته، وسيجيء الكلام على ليلى بنت الجودى في آخر الرد، إن شاء الله.< o:p>

( 2 ) زعم أن ليلى زوجة مالك بن نويرة وقعت مع زوجها في أسر خالد، وهو كذب أيضًا؛ إذ لم يذكر أحد من المؤرخين (فيما نعلم) أن خيل خالد أخذت مع مالك زوجته، والحقيقة - كما في الطبري والكامل وابن خلدون وغيرها - أن خالد ابن الوليد نزل بالبطاح، وبث سراياه، فجاءته الخيل بجماعة من بني يربوع، منهم مالك بن نويرة، فسأل خالد الذين جاءوا بهم: أهم مسلمون فيبقيهم أم مرتدون فيقتلهم؟ فاختلفوا فشهد أبو قتادة ونفر أنهم مسلمون، وأنهم أذَّنوا وصلوا معهم وشهد آخرون أنهم غير مسلمين فأمر بهم خالد فقتلوا، ولم يذكر أحد أنه كانت معهم امرأة، مع أن الرواة ذكروا كل شيء، حتى إنهم لم يغفلوا عن ذكر أن ذلك كان ليلاً، وأن البرد كان شديدًا.< o:p>

( 3 ) زعم أن امرأة مالك كانت قد وهبت قلبها لزوجها، وأزمعت أن تبذل كل مرتخص وغالٍ في فدية زوجها، فتزينت بحليها وحللها وذهبت إلى خالد لتشفع لزوجها؛ فلما رآها عشقها، وأصدر أمره بقتل زوجها، ودعوة إمام لعقد النكاح، وخلق لها عباءة كثيفة، وزعم أن النساء يومئذ كن محتجبات وكان كشف وجوههن عارًا، وهذا كله كذب وجهل، فإن الحجاب لم يكن له وجود في ذلك الزمان حتى في نساء المسلمين؛ فكيف بنساء المرتدين؟ وإنما حدث الحجاب بعد ذلك بزمن طويل.< o:p>

( انظر كتابنا: الإسفار في مسألة الحجاب والسفور) ولم يكن عقد النكاح يتوقف على إمام المسجد في بلاد العرب في ذلك الزمان ولا في هذا أيضًا، وإنما هي عادة من عادات المسلمين في الهند وفي كثير من البلاد الإسلامية، وليس ذلك بمشروع في الإسلام، ويكفي لعقد النكاح أن يشهد شاهدا عدل من المسلمين، ولكن أهل البلاد المتحضرة يحضرون القاضي أو نائبه عادة، وأما خالد فلم يكن له إمام، بل هو القائد والإمام كما هي العادة في ذلك الزمان أن يكون الأمير هو الإمام، ولم يدخل خالد بامرأته في تلك الليلة، بل تركها حتى تنقضي عدتها كما في ابن جرير:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير