قال سمير: وقول الشيخ القحطاني: (كذب هذه الرواية عبد الله بن داود الخريبي…) فيه جرأة على أئمة السلف وتكذيب لمروياتهم الثابتة من غير حجة ويخشى أن يفهم منه ما لا يقصده الشيخ ولا يعنيه.
فهذه الروايات رواها عبد الله بأسانيد صحيحة عن سفيان الثوري كما في فقرة 264، 266، 267، 268، 269، فتكذيبها قد يفهم منه تكذيب سفيان.
وتابع سفيان على ذلك أئمة آخرون منهم الإمام أحمد كما في الفقرة رقم 265 وسفيان بن عيينة كما في فقرة 355 وإسنادها كالشمس لأن عبد الله رواها عن أبيه عن سفيان وتابعهم كذلك شريك النخعي، كما في فقرة 327 وإسنادها حسن، وفيها قال شريك: رأيت أبا حنيفة يطاف به على حلق المسجد يستتاب وانظر فقرة 307، وجاء في فقرة 337 أن شريكاً وحسن بن صالح شهدا استتابة أبي حنيفة وإسنادها حسن، وتابعهم أبو خالد الأحمر كما في فقرة 374 بإسناد صحيح وتابعهم غيرهم.
فلا وجه إذاً لتكذيب رواية سفيان.
[10] ص192 قال الإمام عبد الله: (سمعت أبي -رحمه الله- يقول: أظن أنه استتيب في هذه الآية {سبحان ربك رب العزة عما يصفون} قال أبو حنيفة: هذا مخلوق فقالوا له: هذا كفر فاستتابوه).
قال الشيخ معلقاً: لا يقام حكم بظن.
قال سمير: ليت الشيخ سكت عن هذا فإطلاقه غير صحيح ولو كلف العالم والمفتي والقاضي بأن لا يفتوا ولا يقضوا إلا باليقين لشق ذلك عليهم وعلى الناس ولتعطلت كثير من الأحكام والقضايا.
ثم إن الشيخ لم يفهم كلام الإمام أحمد، فالظن واقع على الموضع الذي قال فيه أبو حنيفة مقالته في القرآن، لا على المقالة نفسها، فلا فرق حينئذ في الحكم، كما هو معلوم إذ القرآن كله حكمه واحد فمن زعم أن آية منه مخلوقة فقد زعم أنه مخلوق.
[11] ص203 روى الإمام عبد الله بإسناده عن شريك النخعي أنه قال: (أصحاب أبي حنيفة أشد على المسلمين من عدتهم من لصوص تاجر قمي).
علق الشيخ على ذلك بقوله: (كيف يتصور أن محمد بن الحسن الشيباني أو القاضي أبا يوسف أو زفر بن هذيل أشد على الأمة من لصوص تاجر قمي؟ هذا أمر لا يقبله عقل مسلم منصف).
قال سمير: لم يبين لنا الشيخ معنى (لصوص تاجر قمي) ولم يتبين لي معناها أيضاً.
ثم إن شريكاً لم يعين أصحاب أبي حنيفة الذين وصفوا بهذا الوصف فمن أين للشيخ هذا التعيين؟
وفي قول الشيخ: (هذا أمر لا يقبله عقل مسلم منصف) شدة والشيخ ولع بمثل هذا الأسلوب في نقده للأئمة ومفهوم كلامه أشد من منطوقه كما هو ظاهر لكل منصف!
[12] ص204 روى الإمام عبد الله بإسناده عن شريك أنه سئل عن استتابة أبي حنيفة فقال: (علم ذلك العواتق في خدورهن).
قال الشيخ معلقاً: (يقول الشيخ المعلمي: إن حقيقة الاستتابة أن يقال للرجل تب فقد يقول العالم وإن لم يكن قاضياً ولا أميراً ذلك لغيره وقد يهدد بأنه إذا لم يتب رفع أمره للحاكم وهذا واضح جداً). انظر التنكيل [1/ 270] ا. هـ.
قال سمير: قد عكس الشيخ المسألة، لأن الإمام المعلمي قال هذا الكلام رداً على الكوثري فقد صرح بتكذيب هذا الخبر وتكذيب شريك فقال: (الخبر كذب ملفق وخاصة بهذا اللفظ (استتبت أبا حنيفة) لأن شريكاً إنما ولي القضاء بعد وفاة أبي حنيفة بخمس سنين).
فقال المعلمي دفاعاً عن شريك النخعي رحمه الله: (وأما قوله: استتبت أبا حنيفة وقولهم له: استتبتم أبا حنيفة؟ فلا مانع من صحته وقد جاء نحو ذلك عن سفيان الثوري وحقيقة الاستتابة أن يقال للرجل تب فقد يقول العالم وإن لم يكن قاضياً ولا أميراً ذلك لغيره .. ) الخ انظر التنكيل [1/ 279 - 280].
قال سمير: فكلام الإمام المعلمي كما ترى دفاع عن عرض شريك لا عن أبي حنيفة رحمهما الله تعالى والشيخ القحطاني أورده في غير موضعه ولم يسق الكلام من أوله فأوهم القارئ خلاف ما قصده الإمام المعلمي.
[13] ص 206 روى الإمام عبد الله بإسناده عن يوسف بن أسباط أنه قال: (قال أبو حنيفة لو أدركني رسول الله صلى الله عليه وسلم لأخذ بكثير من قولي).
علق الشيخ على ذلك بقوله: (مادام أن يوسف بن أسباط يغلط كثيراً فلماذا لا تكون هذه من غلطاته؟).
¥