تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأن المؤمن هو الذي يقول: سمعنا وأطعنا؛ فإذا كان النفاق يثبت ويزول الإيمان بمجرد الإعراض عن حكم الرسول وإرادة التحاكم إلى غيره، مع إن هذا تركٌ محض، وقد يكون سببه قوة الشهوة، فكيف بالتنقص والسب ونحوه؟

عمر يقتل رجلاً لا يرضى قضاء النبي

ويؤيد ذلك ما رواه أبو إسحاق إبراهيم بن عبدالرحمن بن إبراهيم بن دُحيْم في تفسيره: حدثنا شعيب بن شعيب، حدثنا أبو المغيرة، حدثنا عتبة بن ضَمرة حدثني أبي أن رجلين اخْتَصَما إلى النبي e، فقضى للمُحِقِّ على المُبْطل، فقال المقضيُّ عليه: لا أرْضَى، فقال صاحبه: فما تريد؟ قال: أن نذهب إلى أبي بكر الصديق، فذهبا إليه، قال الذي قُضِيَ له: قد اختصمنا إلى النبي e، فقضى لي عليه، فقال أبو بكر: فأنتما على ما قَضَى به النبي e، فأبى صاحبه أن يرضى، قال نأتي عمر بن الخطاب، فأتياه، فقال المقضيُّ له: قد اختصمنا إلى النبي e [ فقضى لي عليه] فأبى أن يرضى، ثم أتينا أبا بكر الصديق فقال: أنتما على مل قضى به النبي e، فأبى أن يَرْضى، فسأله عمر فقال: كذلك!! فدخل عمر منزله فخرج والسيفُ بيده/ قد سَلَّه، فضرب به رأس الذي أبى أن يرضى فقتله، فأنزل الله تبارك وتعالى:) فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوْكَ فِيْما شَجَرَ بَيْنَهُمْ (الآية.

وهذا المرسَلُ له شاهدٌ من وجه آخر يصلح للاعتبار.

قال ابن دحيم: حدثنا الجُوْزَجَاني، حدثنا أبو الأسود، حدثنا ابن لَهِيعةَ عن أبي الأسود، عن عُرْوَةَ بن الزبير. قال: اختصم إلى رسول الله e رجلان، فقضى لأحدهما، فقال الذي قُضي عليه: رُدَّونا إلى عمر، فقال رسول الله e: " نَعَمْ، انْطَلِقُوا إِلى عُمَر" فانطلقا، فلما أتيا عمر قال الذي قُضِيَ له: يا ابن الخطاب إن رسول الله e قَضَى لي، وإن هذا قال: رُدَّنا إلى عمر، فردنا إليك رسولُ الله e، فقال عمر: أكذلك؟ للذي قُضَي عليه، [قال: نعم] فقال عمر: مكانَكَ حتى أخرج فأقضِيَ بينكما، فخرج مشتملاً على سيفه، فضرب الذي قال: "رُدَّنا إلى عمر" فقتله، وأدبر الآخر إلى رسول الله e فقال: يا رسول الله قَتَل عمر صاحبي، ولولا ما أعجزته لقتلني، فقال رسول الله e: " ما كُنْتُ أظنُّ [أن] عُمَرَ يَجْتِري عَلَى قَتْلِ مُؤْمِنٍ" فأنزل الله تعالى:) فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوْكَ فِيْما شَجَرَ بَيْنَهُمْ (فبرَّأ اللهُ عُمَر من قتله.

وقد رُوِيت هذه القصة من غير هذين الوجهين، قال أبو عبدالله أحمدُ بن حنبل: ما أكتب حديثَ ابن لَهِيْعَة إلا للاعتبار والاستدلال، وقد أكتب حديث [هذا] الرجل على هذا المعنى كأني أستدلُّ به مع غيره يَشُدُّه، لا أنه حجة إذا انفرد.

الدليل الخامس من القرآن

الدليل الخامس: ما استدل به العلماء على ذلك: قوله سبحانه:) إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا والآخِرَةِ وأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُهِيناً* وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ المُؤْمِنينَ والمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا (الآية، ودلالتها من وجوه:

من آذى الرسول فقد آذى الله

أحدها: أنه قَرَن أذاه بأذاه كما قرن طاعته بطاعته، فمن آذاه فقد آذى الله تعالى، وقد جاء ذلك منصوصاً عنه، ومن آذى الله فهو كافر حَلالُ الدَّمِ، يبين ذلك أن الله تعالى جعل محبةَ اللهِ ورسوله وإرضاءَ اللهِ ورسوله وطاعة الله ورسوله شيئاً واحداً فقال تعالى:) قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وأبْنَاؤكُمْ وإخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيْرَتُكمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَونَ كسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أحَبَّ إلَيكم مِنَ اللهِ وَرَسُولهِ (وقال:) وَأَطِيعُوا الله والرَّسُول (في مواضع متعددة، وقال تعالى:/) وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أنْ يُرْضُوهُ (فوحَّدَ الضميرَ، وقال أيضاً:) إنَّ الَّذِينَ يُبَايعُونَكَ إنَّمَا يُبَايِعُونَ الله (وقال أيضاً:) يَسْأَلُوْنَكَ عَنِ الأنْفَالِ قُل الأنْفَالُ للهِ وَالرَّسُولِ (.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير