تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأيضاً، فإن الله سبحانه لما ذكر بعض الأقوال التي جَعَلَهم بها من المنافقين وهو قوله: ?ائْذَنْ لِي وَلاَ تَفْتِنِّي? قال في عقب ذلك: ?لا يَسْتَأْذنُكَ الَّذِينَ يُؤمِنُونَ باللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ? إلى قوله:) إنمَّاَ يَسْتأْذِنُكَ الَّذِينَ لا يُؤمِنُونَ باللهِ وَالْيَومِ الآخِرِ وِارْتِابِتْ قُلوبُهُمْ فِهُمْ في رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُون (فجعل ذلك علامةً مُطَّردة على عدم الإيمان، وعلى الريب، مع أنه رغبة عن الجهاد مع رسول الله e بعد استنفاره،/ وإظهارٌ من القاعد أنه معذورٌ بالقعود، وحاصلُه عدم إرادة الجهاد، فلمزُهُ وأذاه أَوْلى أن يكون دليلاً مطرداً؛ لأن الأول خِذْلان له، وهذا مُحاربة له، وهذا ظاهر.

الآيات دليل على إخراجهم عن الإيمان

وإذا ثبت أن كل مَن لمز النبي e أو آذاه منهم فالضميرُ عائد على المنافقين والكافرين؛ لأنه سبحانه لما قال:) انِفرُوا خِفافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بأمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ في سَبِيلِ اللهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إنْ كُنْتُمْ تَعْلَمون (قال:) لَوْ كَانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قاصِداً لاتَّبَعُوكَ وَلَكْن بَعُدَتْ عَليْهمُ الشُقّةُ وَسَيَحْلِفُونَ باللهِ (وهذا الضمير عائد إلى معلومٍ غير مذكورٍ، وهم الذين حلفوا:) لَوِ اسْتَطَعْنَا لخَرَجْنَا مَعَكُمْ (وهؤلاء هم المنافقون بلا ريب ولا خلاف، ثم أعاد الضمير إليهم إلى قوله:) قُلْ أَنفقُوا طَوْعاً أَو كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكم إنَّكم كُنْتُم قَوْماً فَاسِقينَ* ومَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُم إلاَّ أنَّهُمْ كَفَرُوا باللهِ وَبِرَسُولهِ (فثبت أن هؤلاء الذين أضمروا كفَرُوا بالله ورسوله، وقد جعل منهم مَن يلمز، و [منهم] من يؤذي. وكذلك قوله:) وَمَا هُمْ مَنْكُمْ (إخراجٌ لهم عن الإيمان.

وقد نَطَقَ القرآن بكفر المنافقين في غير موضع، وجعلهم أسوأ حالاً من الكافرين، وأنهم في الدَّرْك الأسفل من النار، وأنهم يوم القيامة يقولون للذين آمنوا: ? انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُم? الآية، إلى قوله: ?فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ ولاَ مِنْ الّذِين كَفَرُوا? وأمر نبيَّه في آخر الأمر بأن لا يصلي على أحدٍ منهم وأخبر أنه لَنْ يغفر لهم. وأمَرَهُ بجهادهم والإغلاظ عليهم، وأخبر أنهم إن لم ينتهوا لَيُغْرِيَنَّ الله نبيه بهم حتى يُقَتَّلُوا في كل موضع.

الدليل الرابع من القرآن

الدليل الرابع على ذلك أيضاً: قوله سبحانه وتعالى: ?فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً? أقْسَمَ سبحانه بنفسهِ أنهم لا يؤمنون حتى يحكِّموه في الخصومات التي بينهم، ثم لا يجدوا في أنفسهم ضيقاً من حكمه، بل يُسلِّموا لحكمه ظاهراً وباطناً.

من دعي إلى التحاكم إلى كتاب الله وإلى رسوله فلم يقبل كان منافقاً

وقال قبل ذلك:) أَلَم تَرَ إلى الَّذِين يَزْعُمُونَ أَنَّهُم ءَامَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قبْلِكَ يُريدُونَ أَنْ يَتَحَاكََمُوا إلى الطَّاغُوتِ/ وَقَدْ أُمِرُوا أنْ يَكْفُرُوا بِهِ ويُرِيدُ الشَّيْطَانُ أنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً* وَإذَا قِيلَ لَهُمُ تَعَالَوْا إلى مَا أَنزلَ اللهُ وإلَى الرَسُولِ رَأَيتَ المنافقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُوداً (فبيّن سبحانه أن مَن دُعي إلى التحاكم إلى كتاب الله وإلى رسوله فصدَّ عن رسوله كان منافقاً، وقال سبحانه:) وَيقُولُونَ آمنَّا باللهِ وَبالرَّسُولِ وأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ باِلمؤمِنَينَ* وَإِذَا دُعُوا إلى اللهِ ورسُولهِ لِيحكُمَ بَينهُمْ إذا فَرِيقٌ مِّنْهمْ مُّعْرِضونَ* وَإنْ يَكُنْ لَهُمُ الحَقُّ يَأَتُوا إليهِ مُذْعِنِينَ* أَفِي قُلُوبهِمْ مَّرَضٌ أَمِ ارْتابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَليهمْ ورسُولهُ بَلْ أُوْلَئكَ هُمُ الظَالِمُونَ* إنّمَا كَانَ قَوْلَ المُؤمِنينَ إذا دُعُوا إلى اللهِ وَرَسُولهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعنا وأطعْنَا (فبين سبحانه أن من تولى عن طاعة الرسول وأعرض عن حكمه فهو من المنافقين، وليس بمؤمن،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير