فقد نص على أن من نقض/ العهد، وأتى بمفسدة مما ينقض العهد قتل عيناً، وقد تقدمت نصوصه أن من لم يوجد منه إلا نقض العهد بالامتناع فإنه كالحربي.
وقال في مواضع متعددة في ذمي فجر بامرأة مسلمة: يقتل، ليس على هذا صولحوا، والمرأة إن كانت طاوعته أقيم عليها الحد، وإن كان استكرهها فلا شيء عليها.
وقال في يهودي زنى بمسلمة: يقتل، [لأن] عمر رضي الله عنه أُتي بيهودي نخس بمسلمة ثم غشيها فقتله، فالزنى أشد من نقض العهد، قيل: فعبد نصراني زنى بمسلمة، قال: يقتل أيضاً، وإن كان عبداً.
وقال في مجوسي فَجَر بمسلمة: يقتل، هذا قد نقض العهد، وكذلك إن كان من أهل الكتاب يقتل أيضاً، قد صَلَبَ عمر رجلاً من اليهود فجر بمسلمة، هذا نقض العهد، فقيل له: ترى عليه الصَّلب مع القتل؟ قال: إن ذهب رجل إلى حديث عمر، كأنه لم يعب عليه.
وقال مُهَنّا: سألت أحمد عن يهودي أو نصراني فجر بامرأة مسلمة: ما يُصْنَع به؟ قال: يقتل، فأعدت عليه، قال: يقتل، قلت: إن الناس يقولون غير هذا، قال: كيف يقولون؟ فقلت: يقولون: عليه الحد، قال: لا، ولكن يقتل، قلت له: في هذا شيء؟ قال: نعم، عن عمر أنه أمر بقتله.
وقال في رواية جماعة من أصحابه في ذمي فجر بمسلمة: يقتل، قيل: فإن أسلم؟ قال: يقتل، هذا قد وجب عليه.
فقد نص رحمه الله على وجوب قتله بكل حال، سواء كان مُحْصَناً أو غير محصن، وأن القتل واجب عليه وإن أسلم، وأنه لا يقام عليه حد الزنى الذي يُفَرق فيه بين المحصن وغير المحصن، واتبع في ذلك ما رواه خالد الحَذّاء عن ابن أَشْوَع عن الشعبي عن عوف بن مالك أن رجلاً نخس بامرأة فتجللها، فأمر به عمر فقُتل وصلب، ورواه [المروزي] عن المُجَالِد عن الشعبي عن سُوَيد بن غَفَلة أن رجلاً من أهل الذمة نخس بامرأة من المسلمين بالشام، وهي على الحمار، فصرعها وألقى نفسه عليها، فرآه عوف بن مالك، فضربه فشجَّه، فانطلق إلى عمر يشكو عوفاً، فأتى عوفٌ فحدثه حديثه، فأرسل إلى المرأة فسألها، فصدَّقت عوفاً، فقال إخوتها: قد شهدَتْ أختنا، فأمر به فصُلِب، فكان أول مصلوب في الإسلام، ثم قال عمر: أيها الناس، اتقوا الله في ذمة محمدٍ e، ولا تظلموهم، فمن فعل هذا فلا ذمة له.
وروى سيف في/ الفتوح هذه القصة عن عوف بن مالك مبسوطة، وذكر فيها أن الحمار صَرَع المرأة، وأن النبطي أرادَهَا فامتنعت واستغاثت، قال عوف: فأخَذْتُ عصاي فمشيت في [أثره فأدركته]، فضربت رأسه ضربة وأعجز فرجعت إلى منزلي، وفيه: "فقال للنبطي: اصدُقني، فأخبره".
وقال الإمام أحمد أيضاً في الجاسوس: إذا كان ذمياً قد نقض العهد يقتل، وقال في الراهب: لا يقتل ولا يُؤْذَى ولا يُسْأل عن شيء، إلا أن يعلم أنه يَدُل على عَوْرَات المسلمين، ويخبر عن أمرهم عَدُوَّهم فيستحل حينئذٍ دمه.
مذهب الإمام أحمد فيمن سب النبي
وقد نص الإمام أحمد على أنه مَن نقض العهد بسب الله أو رسوله فإنه يقتل.
أقوال أصحاب الإمام أحمد
ثم اختلف أصحابنا بعد ذلك، فقال القاضي وأكثر أصحابه مثل: ابنه أبي الحسين والشريف أبي جعفر وأبي المواهب العكبري وابن عقيل وغيره وطوائف بعدهم: إن مَن نقض العهد بهذه الأشياء وغيرها فحكمه كحكم الأسير، [يخير] الإمام فيه كما يخير في الأسير بين القتل والمنّ والاسترقاق والفداء، وعليه أن يختار من الأربعة ما هو أصلح للمسلمين، قال القاضي في "المجرد": إذا قلنا قد انتقض عهده فإنا نستوفي منه الحُقُوقَ والقتل والحد والتعزير؛ لأن عقد الذمة على أن تجري أحكامنا عليه وهذه أحكامنا، فإذا استوفينا منه فالإمام مخير فيه بين القتل والاسترقاق، ولا يُرَدّ إلى مَأْمَنِهِ، لأنه بفعل هذه الأشياء قد نقض العهد، وإذا نقض عاد بمعناه الأول، فكأنه رجل نصراني بدار الإسلام.
¥