القائلون بالنهي قالوا: وجوابنا كجوابكم وذلك لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن صيام يوم السبت , وذلك لما جاء عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ عَنْ أُخْتِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ إِلَّا فِيمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلَّا لِحَاءَ عِنَبَةٍ أَوْ عُودَ شَجَرَةٍ فَلْيَمْضُغْهُ) , بل نحن نقول ان النهي الوارد في صيام يوم السبت آكد من النهى الوارد في صيام يومي العيد , فعند النهى عن صيام يومي العيد قال عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (هَذَانِ يَوْمَانِ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صِيَامِهِمَا) , أما عند نهيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن صيام السبت فقد أكدها بثلاثة مؤكدات هي:
الأولى: قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ) , و الأصل في النهي التحريم.
الثانية: قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِلَّا فِيمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ) , و إلا تفيد الحصر فلا يدخل غير المحصور.
الثالثة: شدة النهي على صيام هذا اليوم حيث قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ ... ).
فالسبب الذي قلتم فيه بعدم جواز صيام يوم العيد اذا وافق يوما يستحب صيامه هو نفس السبب الذي قلنا به بعدم جواز صيام يوم السبت اذا ما وافق يوما يستحب صيامه.
ثم إنَّ هذه الأدلة الدالة على استحباب تلك الأيام عامة؛ اى أنَّها على مدار أيام السنة؛ وحديث: (لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم) خاص في حكم صيام يوم السبت؛ فيكون الجمع أنَّ هذه الأيام يشرع صيامها على مدار أيام السنة إلا في أوقات النهي؛ ومنها يوم السبت , فتكون هذه الاحاديث عامة وخصصت بحديث السبت فيحمل العام على الخاص وهذه طريقة الجمع بين الأدلة.
القائلون بالجواز قالوا: ان تشبيهكم يوم السبت بيومي العيد غير صحيح، فالفرق بين النهي عن صيام يومي العيد ويوم السبت من أوجه وهي:
أولاً: أن النبي - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- كان يصوم يوم السبت والأحد ويعزو ذلك إلى حبه مخالفة أهل الكتاب، وهذه العلة لم توجد في يومي العيدين.
ثانياً: لم يرد عن النبي صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أو أحد من أصحابه أنهم صاموا يومي العيدين، بخلاف يوم السبت فثبت أن النبي - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ - أمر بصيامه لمن صام الجمعة ولم يصم الخميس.
ثالثاً: النهي عن صيامهما قد شاع وذاع في الأخبار،و مجمعٌ على حرمة صيامهما , أما السبت فمختلف فيه.
فهذه الفروق تَرُدُّ على من أراد التسوية بين النهي عن صيام يومي العيدين وبين النهي عن صيام السبت.
القائلون بالنهي قالوا: اما بخصوص الفوارق بين يوم السبت ويومي العيد،فهى على النحو الاتي:
•اما عن صومه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يوم السبت والأحد ويعزو ذلك إلى حبه مخالفة أهل الكتاب فهذا الحديث سبق الاشارة عليه , خلاصته أن هذا الحديث ضعيف.
•واما انه لم يرد أن النبي صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أو أحدا من أصحابه صاموا يومي العيدين، بخلاف يوم السبت فثبت أن النبي - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ - أمر بصيامه لمن صام الجمعة ولم يصم الخميس , فنقول أما أمره بصيام يوم السبت لمن صام الجمعة فهذا صحيح , وهذا داخل في استثناء الحديث , لانه كما سبق الاشارة من صام يوم الجمعة دون الخميس فعليه أن يصوم السبت و هذا فرض لينجو من إثم مخالفة الإفراد ليوم الجمعة فهو في هذه الحالة داخل في عموم قوله صلى الله عليه وسلم في حديث السبت: (إلا فيما افترض عليكم).
•واما بخصوص ان النهي عن صيام يومي العيد قد شاع وذاع في الأخبار فهذا غير لازم , فان الكثرة ليست معيارا للصحة وعدمه فهذا خروج عن الموضوع؛ واما ان يومي العيد مجمعٌ على حرمة صيامهما ,وان السبت مختلف فيه فان هذا الأمر يجر إلى أمر أعظم منه ألا وهو عدم العمل بدلالة النص إلا إذا اجتمع أهل العلم على القول به، وهذا يعني تعطيل العمل بالكثير من النصوص لعدم الإجماع عليها؛ ذلك لأنَّكم فرقتم في الحكم بين حالتين متشابهتين لا لشيء إلا لكون إحداهما مجمعٌ عليها والأخرى مختلف فيها.
¥