تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم هل تصوم اليوم الثالث عشر من أيام التشريق باعتبار أنه أول الأيام البيض؟

القائلون بالجواز قالوا: لا، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام أيام التشريق وذلك لما جاء عَنْ أَبِي مُرَّةَ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَلَى أَبِيهِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَقَرَّبَ إِلَيْهِمَا طَعَامًا فَقَال (كُلْ فَقَالَ إِنِّي صَائِمٌ فَقَالَ عَمْرٌو كُلْ فَهَذِهِ الْأَيَّامُ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا بِإِفْطَارِهَا وَيَنْهَانَا عَنْ صِيَامِهَا) صححه الألباني.

القائلون بالنهي قالوا: وجوابنا كجوابكم وذلك لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن صيام يوم السبت , وذلك لما جاء عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ قَالَ (لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ ...... الحديث).

لطيفة: ثم إن الذي نهانا عن صيام يوم السبت , هو الذي استحب لنا صيام بعض هذه الأيام التي ذكرتموها , (وَهُوَ اللّهُ لآ إِلََهَ إِلاّ هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الاُولَىَ وَالاَخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) القصص70.

وإنما كان الأمر بإفطار يوم السبت إذا ما وافق صيامه يوم فضيلة بسبب دليل شرعي يحتم علينا هذا الإفطار , وليس عن هوى نفس , فإذا كان الأمر كذلك فإن (من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه) صححه الألباني , وعليه فإننا نقول إن الله سبحانه وتعالى بكرمه ومنّه سيعوضنا خيراً مما هو مذكور في فضلية صيام الأيام المذكورة سابقاً , وذلك بنص الحديث الشريف: (من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه).

وخلاصة الامر ان هذا الحديث صحيح سندا وغير شاذا متنا.

لا يوجد احد من السلف قال بحرمة صيام يوم السبت

القائلون بالجواز قالوا: لا يوجد أحد من السلف قال بحرمة صيام يوم السبت , وإنما الخلاف بين العلماء في هذه المسألة منحصر بين القول بكراهة صيام السبت في التطوع منفرداً و بين القول بجواز صيامه منفرداً، ولا يوجد قول ثالثاً في المسألة سوى القولين السابقين، فمن قال بقولكم في هذه المسالة , ومن فهم من السلف أن هذا الحديث يدل على حرمة صيام يوم السبت.

القائلون بالنهي قالوا: إن الاجابة على إشكالكم هذا من أوجة:

الوجه الاول: لقد قررنا سابقا أن هذا الحديث ظاهر الدلالة على النهى عن صيام يوم السبت , , فقد أكِّد بثلاث مؤكدات:

الأولى: قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ) , والأصل في النهي التحريم ما لم يصرف إلى الكراهة أو الإباحة و لا صارف.

الثانية: قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِلَّا فِيمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ) , و إلا تفيد الحصر فلا يدخل غير المحصور و هو قوله افترض عليكم.

الثالثة: شدة النهي على صيام هذا اليوم حيث قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلَّا لِحَاءَ عِنَبَةٍ أَوْ عُودَ شَجَرَةٍ فَلْيَمْضُغْهُ).

وقد بين شيخ الإسلام ان الحديث لا يحتمل الا النهي ولهذا قال في [الإقتضاء (ولا يقال: يحمل النهي على إفراده: لأنَّ لفظه "لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم" والاستثناء دليل التناول، وهذا يقتضي أنَّ الحديث يعم صومه على كل وجه؛ وإلا لو أريد إفراده لما دخل الصوم المفروض ليستثنى فإنه لا إفراد فيه، فاستثناؤه دليل على دخول غيره، بخلاف يوم الجمعة فإنه بين أنه إنما نهى عن إفراده، وعلى هذا: فيكون الحديث إما شاذاً غير محفوظ، وإما منسوخا؛ ً وهذه طريقة قدماء أصحاب أحمد الذين صحبوه) انتهى.

كما قرر ذلك الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في حاشيته على سنن أبي داود (قوله في الحديث: "لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم" دليل على: المنع من صومه في غير الفرض مفرداً أو مضافاً؛ لأنَّ الاستثناء دليل التناول، وهو يقتضي: أنَّ النهي عنه يتناول كل صور صومه إلا صورة الفرض، ولو كان إنما يتناول صورة الإفراد؛ لقال: "لا تصوموا يوم السبت إلا أن تصوموا يوماً قبله أو يوماً بعده" كما قال في الجمعة!!، فلما خصَّ الصورة المأذون في صومها بالفرضية علم تناول النهي لما قابلها) انتهى.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير